العدوان الاسرائيلي على سوريا ..اشارات ودلالات
د.عدنان بكرية
لم تجرؤ اسرائيل بتنفيذ عدوانها الغاشم على سوريا ومركز الأبحاث في جرمانا لو لم تتلقى الضوء الأخضر من أمريكا ..فقد سبق العدوان تصريح لباراك اوباما "من حق اسرائيل الدفاع عن نفسها أمام تزويد حزب الله بالسلاح " هذا التصريح يعتبر اجازة لاسرائيل بفعل ما تراه مناسبا ..وبالفعل لم تمض ساعات حتى اقدمت على توجيه ضربة لبعض مقرات الجيش ولمركز البحث العلمي .
ان ما تحمله هذه الضربة من إشارات ودلالات اكبر بكثير من كونها ضربة تستهدف إمدادات حزب الله الآتية من سوريا واول هذه الدلالات
- ان اسرائيل وبعد تقدم الجيش السوري في المعركة ضد الارهابيين والمسلحين في مدن ومحافظات مركزيه شعرت بأنه بات من الضروري توجيه ضربة مساندة لهؤلاء وإرباك القوات المسلحة والشارع السوري بهدف فك الضغط عن المجموعات المسلحة فإسرائيل وامريكا تشعران بالفشل في الموضوع السوري وبأن الأزمة السورية في طريقها للحسم العسكري وبسرعة لذا سارعت اسرائيل وبتوجيه امريكي الى خلط الأوراق من جديد ومساعدة الارهابيين في سوريا .
- الإشارة الاخرى ان جهات عديدة من المسلحين والارهابيين يتعاونون مع الصهاينة وينفذون أهدافا إستراتيجية صهيو-امريكية وربما كان هناك تنسيق سبق الضربة ..فكيف يمكن ان نفسر هجوم الارهابيين على بوابات دمشق وقت الضربة مستغلين حالة الإرباك التي سادت الشارع السوري؟
- الإشارة الثانية وهي جس نبض الإطراف الاقليمية ايران وروسيا وسوريا وحزب الله حيال أي عدوان محتمل على ايران او حزب الله ..فاسرائيل تدرك ان أية حرب تشن ضد احد هذه الأطراف قد تتطور الى حرب اقليمية وهي ترى ان توجيه ضربة لسوريا قد يعطيها مؤشرا على مدى ردة الفعل الاقليمية اذا ما شنت حربا واسعة النطاق .
- حتى اللحظة لم نرى اي رد فعل من الأطراف المعنية في حلف المقاومة والممانعة ..ربما يحتاج الأمر الى تشاور مع أطراف اقليمية اخرى ..لكن في النهاية لا بد من موقف ستخرج به الأطراف بعد التفكير مليا ولا بد من وضوح في الرؤية لان ترك الأمور وتجاهلها قد يحفز اسرائيل على توجيه ضربات اخرى في الأيام وربما الساعات القادمة .
- على القيادة السورية ان تفكر بعقل الدولة وان تضع الخيارات على الطاولة وقبلها ان تضع موازين الربح والخسارة فهل فتح جبهة مع اسرائيل في هذه الظروف سيكون في صالح سوريا ؟ أم انه سينعكس سلبا على سوريا وقواتها المسلحة المشغولة في القضاء على الارهابيين ..
اعتقد الأهم حاليا هو محاربة الارهابيين وترك الموضوع الاسرائيلي جانبا اذا ما تدخلت أطراف اقليمية ولجمت اسرائيل عن التمادي اكثر واعتقد ان الجهود الدولية حاليا تصب بهذا الاتجاه لمنع تأزم الأمور وانهيار الأوضاع .
واذا ما استمرت اسرائيل في عدوانها فلن يكن أمام سوريا مجالا إلا للرد على العدوان واعتقد هذا الأمر سيكسب سوريا التفافا اكبر من قبل الشعب واحرار العالم وسيحرج المعارضة السورية والتي استجلبت التدخل الاجنبي ويفقدها العديد من مؤيديها .
المنطقة برمتها تقف امام خيارين ..اما لجم اسرائيل وغطرستها وتماديها وهذا منوط بضغوطات دولية واما الحرب التي ستأتي على الأخضر واليابس فالتهديد الايراني لا يترك مجالا للشك بأن ايران ستكون طرفا فاعلا في المعركة حال الاعتداء على سوريا
الأيام القليلة القادمة وربما الساعات ستكشف طبيعة التحول في الصراع وسترسم الطريق الذي ستسلكه المنطقة والعالم |