حماس والامتحان الاسرائيلي .. من الشريك الى الوسيط
د.عدنان بكرية
قلنا منذ البداية أي بداية التحول في مواقف حماس وتناغمها مع مواقف السلطة والتي تجلت بتوقيع اتفاق الدوحة والذي لم يتم.. لو لم تتخلى حماس عن بعض المواقف المتشنجة إزاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وكيفية التعاطي مع الاحتلال وفي مقدمتها المقاومة والكفاح المسلح.. قلنا ولمسنا بأن هناك محاولة أمريكية بمشاركة دول الخليج تهدف الى تطويع حماس وتدجينها بكلمات أخرى تحويل حماس المقاومة الى حماس أكثر مرونة إزاء الملف الإسرائيلي .
لقد لمسنا هذا التحول في المواقف بعد توقيع اتفاق الدوحة ولمسنا رضي محمود عباس عن حركة حماس الجديدة والتي تتحلى بسياسة ضبط النفس والتأمل قبل الإقدام على أي خطوة من شأنها ان توتر العلاقات مع اسرائيل وان تؤجج الصراع من جديد حتى راح بعض المحللين على وصف حركة حماس بأنها تخلت عن المقاومة كنهج لتحرير فلسطين ولم تعد فلسطين كاملة غاية بالنسبة لها بل رفعت شعارا جديدا تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 67 وإقامة الدولة الفلسطينية عليها .
هذا الموقف يكفي لان نتيقن من تحول حركة حماس من حركة تنتهج المقاومة كنهج أوحد لتحرير فلسطين إلى حركة تتلمس الدبلوماسية في التعاطي مع الملف الإسرائيلي وما زاد يقيننا اللقاءات الحمساوية القطرية والتي لم تكن لتعقد لو لم تتيقن قطر من قابلية حركة حماس لتغيير مواقفها من قضايا عديدة .
لحماس الحق الكامل في التقولب وفق أجندات جديدة خاصة بها لكن ليس لها الحق في تعميم هذه الأجندات على الشعب الفلسطيني خاصة إذا كانت هذه الأجندات ممهورة بتوقيع خليجي.. وليس لها الحق من ان تحرم باقي حركات المقاومة أو ان تمنعها من ممارسة حقها بمقاومة الاحتلال والتصدي لأي عدوان إسرائيلي .
ان احد أهداف العدوان الاسرائيلي الأخير على غزة هو امتحان حركة حماس والتيقن من ثبوتها من التهدئة ولقد نجحت حماس بهذا الامتحان كونها حاولت تحاشي مثل هذا العدوان تخوفا من وقوعها في مطب الاحراج أمام الشارع الفلسطيني .. وحماس لم تشارك بشكل فاعل في التصدي للعدوان بل ان مشاركتها لم تتعدى عدم منع الجهاد من إطلاق الصواريخ! وهذا باعتراف اسرائيلي رسمي الذي اثنى على حماس لالتزامها بالتهدئة ..بكلمات أخرى فان حماس نجحت بالامتحان الاسرائيلي وراح بعض المسؤولين الاسرائيليين يدعو لضرورة محاورة ومفاوضة حماس .. ان ما نفهمه من التصريحات الاسرائيلية هو ان حركة حماس أصبحت مقبولة على اسرائيل كطرف مفاوض !
لقد خرجت الصحف الاسرائيلية بعد التوقف الجزئي للقصف لتقول بأن اكبر الخاسرين من العدوان الأخير هي حركة حماس فكتبت "يديعوت"
"في التصعيد الحالي نجحت الجهاد في دحر حماس الى الزاوية. في الأشهر الأخيرة جمعت الجهاد الكثير من القوة ـ ليس فقط العسكرية بل والجماهيرية أيضا.
حماس في حالة ارتباك. الجلوس على الجدار في الأيام الأخيرة في ظل وقف النار لم تفعل الخير للمنظمة. بعض من زعمائها حاولوا الاعلان عن التأييد للقتال، ولكن عمليا، منذ منتهى السبت عملوا من خلال المصريين لتحقيق وقف للنار.. وهكذا تحولت حماس الى وسيط بين اسرائيل والجهاد الاسلامي. في غزة سخروا: هي تتوسط بين الجهاد واسرائيل، تعرض نفسها كقوة حيادية في الساحة. ليست هذه هي حماس التي نعرفها. تأييد الشارع الغزي لحماس ضعف"
ليست هذه حماس التي عرفناها .. الصحف العبرية تصف دورها في غزة تماما كدور أبو مازن في الضفة مع فارق بسيط ..ان حماس تتغنى ظاهريا بالمقاومة أما أبو مازن فهو يقولها بصريح العبارة بأنه ضد تفعيل المقاومة ... حماس التي عرفناها اختفت في الدوحة ومواقفها الأخيرة تدلل على تراجعها عن العديد من الأجندات والاستراتيجيات والشعب الفلسطيني لا يدري الى أين تتجه والأيام القادمة كفيلة بكشف فحوى اتفاق المصالحة والذي بقي جزء منه في طي الكتمان .. المصالحة التي نتكهن بان احد شروطها كانت تغيير إستراتيجيتها في التعاطي مع الاحتلال
أتمنى أن أكون مخطئا |