لا اعتراف ولا شرعية لمجلس
وطني يستثني ابناء ال 48
د.عدنان بكرية
عرب ال 48 أو فلسطينيو ال 48 هكذا اصطلح على تسميتهم كونهم بقوا في فلسطين التاريخية منذ عام 48 وحملوا الجنسية الاسرائيلية لكن موالاتهم كانت دائما وما زالت لشعبهم وقضاياه .. ولا حاجة اليوم للتذكير بالتاريخ النضالي لهذا الجزء الحي من الشعب الفلسطيني الذي يربو على مليون ونصف المليون انسان .. تشبثوا بأرضهم واجترحوا معجزة البقاء وحطموا إستراتيجية الصهيونية الهادفة الى طمسهم وطمس هويتهم ومعالمهم الوطنية وبقوا أوفياء لشعبهم ووطنهم لامتهم وقوميتهم .
مضى على نكبة فلسطين اكثر من ستين عام ..لم يلق هذا الجزء الا التهميش والنسيان والتغييب من قبل القيادة الفلسطينية .. كانت وما زالت تنظر اليهم على انهم خارج قاعدة اللعبة الفلسطينية نتيجة ارتباطهم المدني بإسرائيل الامر الذي اساء لعملية استعادة هذا الجزء كمركب فاعل في المعادلة الفلسطينية .. مضى على التغييب أكثر من ستين عاما دون ان تحاول القيادة الفلسطينية رسم إستراتيجية لاستيعابهم كإطار فاعل بين مركبات الشعب الفلسطيني وحتى إن شكلية التعاون لم تتعدى لقاءات هامشية تعقد بين قادة الأحزاب هنا في مناطق ال 48 وبين القيادة الفلسطينية دون أن يكن لهذه اللقاءات أي مضمون استراتيجي عملي سوى المجاملات والملاطفات .
إن هذا الجزء هو جزء هام في الشعب الفلسطيني عاش القضية بتفاصيلها ومآسيها ودفع ثمنا ناهضا لمواقفه الوطنية ودفاعه عن وجوده وبقائه في ارض الآباء والأجداد.. اسرائيل تعاملت معه على انه جزء من الشعب الفلسطيني ويجب تقليم أظافره والقيادة الفلسطينية تعاملت معه على انه جزء من المؤسسة الاسرئيلية لا حاجة لإشراكه في المعادلة الفلسطينية .. وبقي هذا الجزء "بين حانا ومانا" لا مع سيدي بخير ولا مع ستي بخير .. بقي ضائعا في متاهات ودهاليز الانتماء والتشارك .
ضرورة تمثيلنا بالمجلس الوطني الفلسطيني
اليوم ونحن على أعتاب مرحلة جديدة تقتضي إعادة هيكلة العلاقة بين أجزاء الشعب الفلسطيني ولم شمله في إطار مؤسسات مشتركة..أرى ومن وجهة نظري بضرورة إشراك أبناء ال 48 في كل مؤسسات الشعب كالمجلس الوطني وم.ت.ف.ت.ف.ت.ف وذالك حفاظا على هذا الجزء وفي إطار دمجه بالشعب الفلسطيني وفك عزلته المفروضة منذ 64 عام ..
قد يستغرب البعض مثل هذا الطرح خاصة وان هذا البعض سلم بكوننا جزء من المؤسسة الاسرائيلية ومجرد المشاركة في الهيئات القيادية للشعب الفلسطيني تعني الانسلاخ المدني عن اسرائيل .. وهذا الطرح يعتريه الكثير من عدم الإدراك والوضوح.. فتمثيلنا بالمجلس الوطني يعني مشاركتنا بالمسؤولية ويعني أكثر الاندماج بالمشروع الوطني الفلسطيني كوننا جزء من هذا المشروع وكوننا إننا لسنا بمعزل عن أي تسوية مستقبلية .. فإذا كانت اسرائيل ترى بان التسوية تقتضي التبادل السكاني (أو إلحاق أراضي من مناطق ال 48 ) بالدولة الفلسطينية فعلينا أن نكون جزءا من صياغة هذه التسوية إذا تم قبولها من الشعب .
ان تسليمنا باننا جزء من المؤسسة الاسرائيلية هو تسليم ليس له ما يبرره خاصة وان وجودنا في إطار هذه المؤسسة فرضته الظروف ولم نختره نحن وبما ان الظروف قابلة للتجدد فعلينا التفكير الملي بمستقبلنا وخياراتنا .. واذا كان البعض يرى بان عملية الاندماج سوف تعزله عن المشاركة في الهيئات البرلمانية الاسرائيلية فهذا شأنه ويجب ان يوضع الخيار أمام الأحزاب العربية ..إما البقاء في إطار الهيئات الإسرائيلية أو الانضمام لبرلمان فلسطيني شامل.. فالحركة الصهيونية العالمية لا تقتصر على يهود اسرائيل فقط بل هي تضم كل أجزاء المجتمع اليهودي من كل مشارب الأرض .. فلماذا لا يكون البرلمان الفلسطيني بمثل تلك الصياغة ويضمن لنا حق المشاركة به .
القادة الفلسطينيون يحاولون الهروب من هذا الاستحقاق بحجة الخوف على مستقبلنا وبان اسرائيل ستنزع شرعية وجودنا هنا ..لكن ليس هناك ما يبرر هذه المخاوف خاصة وان شرعية وجودنا لم تأت من اسرائيل بل من كوننا أصحاب هذا الوطن .. أما الأمر الآخر لقد تبدلت الأحوال ف م.ت.ف لم تعد مصنفة كعنصر معادي لاسرائيل وهي معترف بها من قبل اسرائيل وتعاوننا لا يعني الخروج أو التمرد على القانون الإسرائيلي ووجهة النظر القضائية متروكة للأخصائيين .
لا اعتراف ولا شرعية لمجلس
وطني يستثني جزءا من الشعب
ان أي مجلس وطني لا يتم عن طريق الانتخابات ويضم كافة أبناء الشعب الفلسطيني يبقى مجلسا فاقدا للشرعية وأي قرار يصدر عنه لا يمثل رؤية وإرادة الشعب الفلسطيني وعليه فان ما هو مطلوب إشراك كافة أبناء الشعب في اختيار هذا المجلس وتغييب جزء من الشعب يعتبر خطيئة والتفافا على المشروع الوطني الفلسطيني لا بل التفافا على جزء فاعل من الشعب .
المطلوب رؤية وتصور استراتيجي لطبيعة العلاقة بين أجزاء الشعب الفلسطيني وبين هذه الأجزاء والهيئات التمثيلية .. لا يعقل ان يستفرد فصيلان فلسطينييان بصيرورة الشعب تحت حجة مقتضيات المرحلة وظروف الاحتلال .. إن ضم فلسطينيي ال 48 للهيئات الفلسطينية سيشكل خطوة ضاغطة قد تجبر إسرائيل على التحول عن طريقها في التعاطي مع القضية الفلسطينية وسيزداد الفعل الفلسطيني تأثيرا على كافة المستويات .
|