أمريكا لم تستوعب الدرس العربي بعد
د.عدنان بكرية
الفيتو الذي استخدمته الولايات المتحدة لإجهاض قرار من مجلس الأمن يدين الاستيطان..يسقط آخر أوراق التوت عن الموقف الأمريكي المنحاز كليا للاحتلال وممارساته اللاشرعية في الأراضي المحتلة .. والرسالة جاءت واضحة لمن ما زال يراهن على تغير في الموقف الأمريكي .. بأن هذا الموقف انتقل من دور الداعم والمؤازر لممارسات الاحتلال الى الشريك الكامل في ممارساته من خلال الدفاع عنها ودعمها وشرعنتها دوليا .
الأوقح من هذا كله أن تبادر "اسرائيل" الى مطالبة الطرف الفلسطيني بالعودة الى طاولة المفاوضات حالا ولسان حالها يقول بأن الاعتماد على أمريكا لن يجديكم نفعا وعليكم مفاوضتنا ! عليكم أن تقبلوا ما نرميه لكم من فتات ! ولأخطر من هذا كله الصمت العربي على هذا الاحتقار والتسخيف الامريكي.
يبدو ان الولايات المتحدة لم تستخلص العبر ولم تستوعب الدروس العربية ولم تتعلم من تساقط حلفائها في المنطقة ولم تعر اهتماما لعواصف التغيير التي تعصف بالمنطقة العربية .. فثورات الشعوب العربية على أنظمة القمع والذل والعار لم تتفجر بسبب الجوع والفقر والديكتاتورية فقط.. بل ان التبعية والإذلال وانعدام الكرامة فجرها .. والولايات المتحدة هي التي ساهمت بممارساتها المنحازة للاحتلال بدفع الشعوب العربية التمرد على الأنظمة الحليفة لها والحامية لمصالحها الاستراتيجية .
امريكا تقرب بنهاية منظومتها العربية وقرار الفيتو الأخير والذي يعتبر صفعة بوجه الشعوب العربية سيزيد الشعوب اشتعالا وسيحثها على قبر أنظمة الذل والعار .. ولا نستغرب اذا لم يتبقى لأمريكا أي نظام عربي حليف خلال أشهر معدودة .. واذا كانت امريكا ما زالت تظن أنها تتعامل مع أنظمة عربية خائنة وذليلة تكون مخطئة ! لأنها منذ الآن ستواجه حركة الشعوب ذات العزة القومية والكرامة الوطنية.. ولن يجديها نفعا كل النظام العربي الرسمي الآيل للسقوط .. وعليها أن تعي الدرس قبل فوات الأوان.. فالواقع العربي في تغير مستمر وسريع ..وحركة الشعوب في تصاعد واشتداد .. وبقاء الموقف الأمريكي منحازا وبشكل سافر لاسرائيل سيجعل الشعوب العربية والنظام العربي القادم متشددا الى أقصى حدود التشدد تجاه امريكا والغرب .
|