وصف رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، الاتفاق مع الإمارات بأنّه “سلام مُقابِل سلام”، أمّا الجنرال بالاحتياط عاموس غلعاد، الرئيس السابق للدائرة السياسيّة والأمنيّة في وزارة الأمن، فقد أكّد أنّه اتفاق دراماتيكيّ، ويجِب الحفاظ عليه بناءً على استمرار عظمة إسرائيل العسكريّة، كمًا ونوعًا، مُقابِل الدول العربيّة.
وفي هذا السياق كشف النقاب الجنرال غلعاد عن أنّه في المحادثات التي كان يُجريها مع نظرائه العرب، سُئل عدّة مراتٍ لماذا تعارض إسرائيل تعادل القوة بين إسرائيل والدول العربية؟ ولماذا تحرص على التفوق النوعي؟ وكان الجواب دومًا أنّه كلّما حافظت إسرائيل على تفوقها النوعي، يتعمق الاستقرار وحصانة السلام بيننا، مُعبّرًا عن “أسفه” من أنّ هذا هو جوهر الشرق الأوسط.
وشدّدّ على أنّ الرسالة المركزية الناشئة عمّا قيل أعلاه، هي أنّ إسرائيل ملزمة بمنع بيع طائرات اف 35 لأي دولة في الشرق الأوسط وحفظ هذه القوة وما يشبهها لنفسها، هذه هي الوصفة لحفظ السلام والاستقرار على مدى الزمن في الشرق الأوسط، كما أكّد في مقالٍ نشره بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة.
وأشار الجنرال غلعاد إلى أنّ اتفاق التطبيع المتوقع توقيعه بين إسرائيل والإمارات إنجاز تاريخيّ، استراتيجيّ، بل دراماتيكي، إذْ أنّ منظومة متفرعة من العلاقات من تحت الطاولة ستصبح زواجًا علنيًا، مُضيفًا أنّ الإمارات دولة نوعية في جملة واسعة من المجالات، ومن المتوقع للدولتين أنْ تكسبا منفعة عظيمة من إقامة العلاقات بينهما، وأكّد أنّ لهذه الدولة الخليجيّة يوجد مفهوم أمنيّ بالغ الأثر، على أساسه أقيم جيش وسلاح جو قويان، وأثبت هذا نفسه في جملة من الحملات العسكرية، بما في ذلك في مناطق بعيدة عن إمارات الخليج، كما تزودت الإمارات بمنظومات سلاح وطائرات هي من الأكثر تطورًا في العالم، وأولاً وقبل كل شيء من إنتاج الولايات المتحدة وتستخدم هذه بنجاح في دائرة عمل واسعة جدًا.
وأردف: تتقاسم إسرائيل والدول العربية، بما في ذلك الإمارات، نظرة مشتركة تجاه إيران كعدوٍّ استراتيجيٍّ، بل وجوديّ، فمن جهة تستخلص إيران فضائل اقتصادية في علاقاتها الاقتصادية مع الإمارات، ولكن بالمقابل لم يعد سرًا أنّ إيران كان يسرها أنْ تسيطِر على الدول العربية على طول الخليج “الفارسي” لولا خوفها من جملة أسباب.
وأوضح أنّ إسرائيل، كمدماك مركزي في مفهوم الأمن القومي، لديها ملزمة بأنّ تستثمر جهدًا جبارًا في تطوير وتعميق علاقاتها الأمنية وغيرها مع الدول العربية، ونجاح إسرائيل في هذا المجال جدير بالإشارة، كما يساعد على تركيز الجهود على التهديد الإيراني تجاه إسرائيل.
على أي حال، قال الجنرال إنّ إسرائيل تتمتّع باستقرارٍ أمنيٍّ غير مسبوق يستند إلى قوّة الجيش الإسرائيليّ وصورة القوة الأمنية العامة لدولة إسرائيل، أمّا الدول العربية فبعد أنْ جرّبت وفشلت عبر الحروب إبادة إسرائيل، فقد توصلت إلى الاستنتاج بأنّه لا توجد إمكانية كهذه ومن الأفضل التعاون معها في جملة من المجالات، وعلى رأسها الأمنيّ والعسكريّ والسياسيّ.
ولكن، استدرك قائلاً، حذارِ أنْ تنسى إسرائيل ولو لحظة بأنّ تضعضع القوة الإسرائيليّة من شأنه أنْ يسحب البساط من تحت إقدامها في المدى البعيد، وعليه فقد نشأ ارتباط مثير للاهتمام ومهم مع الولايات المتحدة، التي تعهدت وتواصل التعهد بحفظ التفوق العسكريّ النوعيّ لإسرائيل، ويندرج هذا التعهد عميقًا في القانون الأمريكيّ الذي يلزم الولايات المتحدة بالحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل.
ورأى أنّ المعنى العملي لذلك هو أنّ الولايات المتحدة تمتنع كسياسة، ملزمة بها حسب القانون، عن بيع منظمات سلاح متطورة وذكية للدول العربية حتى عندما تكون ترتبط بإسرائيل بعلاقات سلام، ومثال ملموس على ذلك هو طائرات اف 35 التي تزود بها سلاح الجو في السنوات الأخيرة، ويدور الحديث في واقع الأمر عن منظومات قتالية ذكية ومتعددة الأبعاد تمنح إسرائيل تفوقًا ساحقًا إلى جانب عناصر قوة أخرى.
واختتم: يُعرف في عالم الاستخبارات مبدآن، نوايا الطرف الأخير وقدراته، نوايا ليست سائلة ومعرضة لتغييرات سريعة، والقدرات المهددة تُبنى بمسيرة بطيئة ولكن يمكن أنْ تصبح تهديدًا جسيمًا حين تخضع للتغيير. فمثلا، كانت تركيا دولة شقيقة لإسرائيل، وهي اليوم خصم استراتيجي. كانت إيران صديقةً حميمةً لإسرائيل، واليوم عدو مرير وخطير لإسرائيل، وفي مصر، سيطر “الإخوان المسلمون” على نحو مفاجئ على الحكم، وكادوا يخلقون كتلة معادية مع تركيا ضد إسرائيل، ولشدة الحظ أنقذ الرئيس السيسي إسرائيل من تهديدٍ استراتيجيٍّ واسعٍ وعظيمٍ، على حدّ قوله