الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
بدون سخريةٍ وتهكمٍ، هكذا افتتحت مُوفدة صحيفة (هآرتس) إلى البحرين تقريرها اليوم الأربعاء من المنامة، حيثُ أكّدت أنْ “نجم الورشة”، غاريد كوشنير، كبير مُستشاري الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب وصهره، أكّدت أنّه في الخطاب الذي ألقاه حاوَل أنْ يتوجّه إلى الشعب العربيّ الفلسطينيّ من فوق رؤوس القيادة الفلسطينيّة الرسميّة ليُبلِغهم بأنّ ترامب لم ينسَ فِلسطين.
وتابعت المُراسِلة السياسيّة، نوعا لانداو، تابعت قائلةً إنّ وزير خارجيّة البحرين يلتقي علنًا خلال “ورشة المنامة”، مع المدير العّام لمُستشفى “شيبا” الإسرائيليّ، البروفيسور يتسحاق كرايس، حيث سيجتمعان اليوم مرّة أخرى. كرايس قال لصحيفة (هآرتس)، العبريّة، كما أكّدت موفدتها إلى البحرين: تفاجئنا جدًا من الاستقبال الحّار والبنّاء من قبل السلطات الرسميّة في البحرين، التي تبحث عن تحدّياتٍ مُشتركةٍ، ووجدنا أنّ الطرف الثاني، أيْ مملكة البحرين، على استعدادٍ تامٍّ للمشاريع المُشتركة بين الطرفين الإسرائيليّ والبحرينيّ في المُستقبل المنظور، على حدّ تعبيره.
لانداو نقلت الأجواء من هناك: البحرين استعدت جيدًا لاستقبال الإسرائيليين الذين يزورونها بـ”صورةٍ طارئةٍ” بمناسبة انعقاد الورشة الأمريكّية. لانداو بدت مستاءةً، رغم ترحاب المضيفين البحرينيين بها وبزملائها، والسبب أنّ المشاركين الذين ولدوا في القدس كُتب على تأشيرات الدخول أنّهم ولدوا في فلسطين، أمّا مسقط رأس الإسرائيليين الآخرين، فحُذف حرصًا أمنيًا زائدًا، على حدّ قولها، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ الأمريكيين الذين نظّموا المؤتمر أعّدوا بطاقات تعريف بالمؤتمرين، أشارت إلى إسرائيل باللغة الإنجليزية من دون تأتأةٍ أوْ مواربةٍ على حدّ قولها.
الورشة، كما تراها لنداو، هي تقديم رؤية طوباويّة إلى الفلسطينيين تعرِض عالمًا أفضل، بشرط أنْ يقبلوا الاقتراح السياسيّ الذي يعتزم الأمريكيون تقديمه إلى الطرفين بعد انتخابات الكنيست المقررة في أيلول (سبتمبر) المقبل. وأضافت أنّه في المؤتمر الذي بدأ مساء أمس في فندق “فور سيزنوز”، لا يوجد ممثلون رسميون من الجانبين اللذين يفترض أن يتوصلا إلى اتفاق السلام، كما أكّدت “هآرتس” العبريّة، مُضيفةً أنّ واشنطن فضلّت بعد إعلان السلطة الفلسطينية رفضها المشاركة أنّه من الأفضل ألا تمثّلَ إسرائيل بشكلٍ رسميٍّ، خاصّةً بعد قرار إعادة الانتخاب الذي يجعل من الصعب على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المدعوم من شركائه في اليمين أنْ يُعبّر عن دعمه لتسويةٍ سياسيّةٍ، على حدّ تعبيرها.
وجبة عشاء مع الملك: من ناحيتهما عبرّا مُوفدا التلفزيون الإسرائيليّ شبه الرسميّ (كان) موآف فاردي وغيلي كوهين، عن سعادتهما من الضيافة البحرينيّة، وأكّدا على أنّ سيارة من طراز “مرسيدس” تنتظِر خارِج الفندق، حيثُ ينعقِد المؤتمر، لتنقل كلّ مُشاركٍ إلى وجهته. ولفتا الاثنان في تقريرٍ لهما من المنامة إلى أنّها شاركا، مع بقية الصحافيين الإسرائيليين، مساء أمس الثلاثاء في مأدبة عشاءٍ ملكيّةٍ نظّمها العاهِل البحريني، حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، على شرف المُشارِكين في “ورشة البحرين”.
صورة على خلفية مناهضة التطبيع: وبدون الصلف والوقاحة الإسرائيليتين لا يُمكِن للأمور أنْ تسير كما يشتهي الإعلام العبريّ، الذي يعكِس آراء وأفكر صُنّاع القرار في كيان الاحتلال، فقد قام مُوفد صحيفة (يسرائيل هايوم)، أرئيل كهانا، بالتقاط صورةٍ لنفسه على خلفية مقّر “الجمعيّة البحرينيّة لمُقاومة التطبيع مع العدوّ الصهيونيّ” في المنامة، وهو يُشهِر جواز سفره الإسرائيليّ، في مُحاولةٍ خبيثةٍ منه لاستفزاز مشاعر الشعب العربيّ البحرينيّ، الذي يرفض رفضًا قاطِعًا التطبيع مع كيان الاحتلال.
بيرة لبنانيّة في المنامة: “مع بيرة لبنانية في البحرين. شرق أوسط جديد”، هذا ما أُرفق بصورة شاركها الصحافي الإسرائيليّ، باراك رافيد، من القناة الـ13 بالتلفزيون العبريّ على صفحته في “تويتر”، وهو يحمل زجاجة “Almaza” بيده. أمّا المكان، فهو فندق “فور سيزنز” في المنامة، حيث تُعقد ورشة “السلام من أجل الرخاء”. وعلى الرغم من أنّ “الجنازة حامية والميّت كلب”، يبدو رافيد، الأكثر تفاؤلاً وحماسةً بين كلّ المشاركين “المحبطين” في “ورشة المنامة”. هو ليس كذلك، لأنّ الورشة تمثّل من وجهة نظره ولو شُعاعًا ضئيلاً في نهاية “النفق السياسيّ” المغلق منذ زمن بعيد، بل بسبب الرحلة “الشيّقة”، بل لأنه يُسافر لأوّل مرّةٍ إلى البحرين، فساعةً يلتقط بعض المشاهد من فوق صحراء الجزيرة، وأخرى من فوق الخليج العربيّ، ومرّةً من قاعة الاستقبال في مطار المنامة، وأخرى في بهو الفندق، وليس أخيراً توثيق سكرته بعد شربه البيرة اللبنانية (Almaza)، حالمًا بـ”شرق أوسط جديد”، وهو المُصطلح الذي أرسته وزيرة الخارجيّة الأمريكيّة، كوندوليسا رايس.
وأخيرًا، برغم حملة العلاقات العامّة الإسرائيليّة، إلّا أنّ كبار الخبراء والمُعلّقين والمُحلِّلين في تل أبيب أكّدوا على أنّ “ورشة البحرين” لن تنجح، لأنّ الفلسطينيين لن يُوافِقوا على مُقايضة طموحاتهم الوطنيّة بدولةٍ وعاصمتها القدس العربيّة بعددٍ من مليارات الدولارات، على حدّ تعبيرهم.