تحت هذا العنوان يكتب عاموس هرئيل، في "هآرتس" انه على قمة جبل حرمون السوري، الذي شكل على مدار عشرات السنوات، خط الدفاع الأول للجيش السوري امام مواقع الجيش الاسرائيلي، لم يتبق أي ذكر للجيش الذي شكل في الماضي التهديد الأول لإسرائيل. فلقد غادر اخر المحاربين السوريين مواقعهم في الجانب السوري، منذ الشتاء الماضي، بفعل صعوبة وصول الامدادات، الى جانب حاجة نظام الاسد الى تركيز الدفاع عن اصول اخرى، اكثر مصيرية بالنسبة له. الجهة الوحيدة التي تبقت على الجبل هي قوات المراقبين الدوليين، من فيجي.
عمليا لم تتبق اليوم على امتداد الحدود السورية الاسرائيلية، أي نقطة يجلس فيها جنود إسرائيل مقابل الجنود السوريين مباشرة. والى جانب الحضور الضئيل للجيش السوري في القنيطرة، بقيت قرية الخضر الدرزية هي الجيب الوحيد الذي يسيطر عليه النظام حاليا. كما ان الحضور العلني هناك ايضا، هو لميليشيات درزية محلية، تركز على حماية السكان، رغم ان اسرائيل تقدر بأنه تعمل هناك، ايضا، خلايا ترتبط بالجيش السوري وحزب الله والحرس الثوري الايراني. اما المواقع العسكرية الرسمية للجيش السوري فتقوم الى الشمال من هناك، على مقربة من الرواق الذي يربط القنيطرة والخضر مع العاصمة دمشق.
بعد اكثر من شهر على وقف اطلاق النار الذي تم اعلانه في سورية، بدأت تتحقق – ببطء كبير يفوق المتوقع – تقييمات الجهاز الأمني بشأن انهيار وقف اطلاق النار. فقد استؤنفت المعارك في مناطق مختلفة، حول اللاذقية في شمال غرب طريق منطقة حلب، وحتى درعا في الجنوب، ولكن بشكل منخفض قياسا بما كان قبل وقف اطلاق النار.
حقيقة كون اتفاق وقف اطلاق النار لا يشمل تنظيمات المتمردين الاكثر تطرفا، جبهة النصرة، وداعش، تسمح للنظام السوري ولسلاح الجو الروسي، ليس بمواصلة مهاجمتها فقط، وانما جر فصائل متمردة اخرى الى الحرب، ترتبط احيانا بالتحالفات المحلية مع جبهة النصرة. وهناك فصائل اخرى لم تنضم حتى اليوم الى الاتفاق لأسباب مختلفة. حسب المعطيات الاسرائيلية، فان قرابة 40 فصيلا من اصل اكثر من 100، التزمت بالاتفاق، وحتى الجولة القادمة من المفاوضات في جنيف، يوم السبت القادم، ليس من الواضح ما الذي سيتبقى من الاتفاق.
في إسرائيل يتعاملون بتشكك مع اعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن اخلاء قواته من سورية. لقد قام الروس عمليا، باخلاء كتيبة واحدة من طائراتهم في منطقة طرطوس واللاذقية، في القطاع الساحلي، شمال غرب سورية. وبقيت في سورية حوالي 20 طائرة هجومية واربع طائرات اعتراض. كما يقوم الروس بتفعيل طائرات حربية متقدمة. ولم تتوقف هجماتهم الجوية، رغم انخفاض متوسط الهجمات من 200 -300 هجوم يوميا الى حوالي 100 هجوم.
اعلان بوتين عن انهاء العمليات العسكرية هدف كما يبدو الى دعم الخطوة السياسية التي بادر اليها في جنيف. وعلى الرغم من ان فرص نجاحه تبدو منخفضة، الا انه من الواضح بأن روسيا رسخت نفسها كمن تقود الخطوات في سوريا، سواء في القناة العسكرية او السياسية. لقد كانت موسكو هي التي أملت استقرار خطوط الدفاع للنظام السوري، وبعد ذلك، تقدم قواته لاحتلال مناطق صغيرة في انحاء الدولة، بفضل عمليات القصف الجوي منذ تشرين الاول الأخير وحتى شباط.
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ينجران الى تقديم دعم معين للخطوة السياسية، بدون مفر. الأمريكيون لا يزالون يطالبون بإقالة الرئيس الأسد، استمرارا لجهود تهدئة الحرب. ولكن هذا الطلب ليس فوريا بالضرورة. في المقابل يسود الانطباع في جهاز الأمن الاسرائيلي بأنه اذا تقدمت المفاوضات وكان من الممكن تحقيق خطوات دبلوماسية، فان بوتين سيوافق على التضحية باستمرارية الأسد، شريطة بقاء النظام الحالي، وبذلك يضمن استمرارية السيطرة الروسية على ميناء طرطوس على ساحل البحر المتوسط.
في جانب واحد يسود التفاؤل الحذر في اسرائيل: فرصة هزم داعش، على الأقل في سورية. الهزيمة التي مني بها التنظيم على ايدي نظام الأسد عندما اضطر الى الانسحاب في نهاية آذار من مدينة تدمر في شرق البلاد، لم تكن صدفة. داعش تواجه صعوبة في مواصلة السيطرة على المناطق الواسعة للخلافة الإسلامية، خاصة في سوريا. لقد وجد التنظيم نفسه يخوض الحرب مع اكثر من جهة – الولايات المتحدة، روسيا، دول اوروبية، تركيا، نظام الأسد، وكثير من الدول العربية وتنظيمات المتمردين، بما فيها الفصائل الكردية. التحالف الذي يهاجم داعش يتمتع بتفوق جوي مطلق، والعمليات التي بادر اليها تنظيم داعش او وقعت بالهام منه في باريس وبروكسل وكاليفورنيا وسيناء، زادت فقط من العداء له. كما مني داعش بضربة اقتصادية صعبة بسبب الأضرار التي لحقت بآبار النفط وبمنظومته المالية.
وقال مصدر امني رفيع لصحيفة "هآرتس" ان "هزيمة داعش باتت تعتبر مسألة وقت. انها مرتبطة في الأساس، بتحسين التنسيق بين القوى العظمى وتنظيمات المتمردين التي تحاربه، سواء السنة المعتدلين او الاكراد". الانطباع الإسرائيلي هو ان التنظيم لا يستطيع مواجهة هذا العدد الكبير من الجبهات، ويتوقع انسحابه تحت الضغط من مناطق اخرى في شرق سورية. الخطوة العسكرية ضده في العراق، التي يتوقع ان تركز في الاشهر القريبة على محاولة احتلال مدينة الموصل، سترتبط بمصاعب كثيرة، ولا يشك أي شخص في اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية، والغربية، بأن داعش ينوي تفعيل المزيد من الخلايا الارهابية في اوروبا، بل ربما خارجها، ايضا، استمرارا للعمليات التي بادر اليها في الأشهر الأخيرة. |