تشير التقديرات الاستخبارية والعسكرية الإسرائيلية إلى أن حزب الله غير معني بأن يشن ابتداء حرباً على إسرائيل في المدى المنظور. هذه التقديرات تجد بطبيعة الحال طريقها إلى المستوى السياسي.
في الحسابات الإسرائيلة أكثر من اعتبار يقف وراء هذه الخلاصة.أولاً، حزب الله يخوض معركة قوية في سوريا. ثانياً،أنه سيفكر في الثمن الذي سوف يدفعه في أي حرب مقابل الجدوى.
ولكن ألا تكون المقاومة بوارد أن تشن حرباً لا يعني بالقراءة الإسرائلية أنها بوارد أن تتنازل عن خطوطها الحمراء. يتعامل الإسرائلي مع حزب الله ضمن هذين السقفين. هذا الأمر كان واضحاً في عملية الاغتيال التي طالت مجموعة من المقاومين في القنيطرة، كذلك بعد اغتيال الشهيد سمير القنطار، وأيضاً بعد اغتيال شهيد المقاومة في بلدة عدلون الجنوبية عندما تم تفجير جهاز التنصت.
ثبت لدى الإسرائيلي أن انشغال حزب الله في القتال في سوريا لن يخضعه لقواعد اللعبة الإسرائيلية. لذلك لن يتردد في مواجهة إسرائيل إذا خرقت خطوطه الحمراء، وأكثر من ذلك أن يتدرج في هذه المواجهة. نذكرعلى إثر عملية القنيطرة أصدر حزب الله البيان رقم واحد. قُرأ هذا الأمر في إسرائيل بشكل واضح: حزب الله مستعد للبيان رقم اثنين. بعد أشهر من العملية كشف رئيس الموساد الذي كان رئيس مجلس الأمن القومي حينها أن اسرائيل نشرت سفنها حول منشآتها الغازية في البحر تحسباً لأي مواجهة قد تخرج عن السيطرة.
صحيح أن تقديرات إسرائيل تتحدث عن احتمال متدن للحرب مع حزب الله. لكن السيناريو الذي يقلقها هوأن يؤدي أي حادث إلى تصعيد وربما إلى حرب. لذا كان الجواب الإسرائيلي على رد المقاومة إثر اغتيال شهداء القنيطرة شبه معدوم، لأنها تخشى تدحرج الأمور.
من هنا فإن الحديث عن مبادرة إسرائيل إلى حرب تستغل فيها انشغال المقاومة في سوريا يبقى في إطار التقديرات الضعيفة.
تعتقد إسرائيل أن قدرات حزب الله المعدة لمواجهتها لم توظف في سوريا. المقصود تحديداً القدرات الصاروخية. أكثر من ذلك هناك خشية تم التعبير عنها بأن الكفاءات والقدرات القتالية لدى المقاومة تطورت نوعياً. قبل الحرب في سوريا كانت استراتيجية المقاومة دفاعية. الآن باتت تمتلك نظرية هجومية قد تكون ترجمتها الدخول إلى فلسطين المحتلة والسيطرة على مستوطنات. السيد نصرالله أعلن ذلك والإسرائيليون يعتبرونه سيناريو واقعياً ويستعدون له.
تعي إسرائيل جيداً قواعد اللعبة مع حزب الله وتوازن الردع الموجود. أقصى ما يمكن أن تعد به أن تلحق الدمار بلبنان. منذ عام 2006 لم يعد يصرّح أي مسؤول إسرائيلي بأنه يمكن هزم حزب الله.
بعد الجولات الثلاث في قطاع غزة بات واضحاً للجميع بأن الجيش الإسرائيلي بات يفقد القدرة على الحسم البري.إذاً، أي آفاق لاعتداء إسرائيلي محتمل على لبنان؟ لم نتحدث بعد عن الضرر الذي سوف يلحق بإسرائيل. كلامهم المعلن عن أن جبهتهم الداخلية كلها ستكون هدفاً لحزب الله. قدرات الحزب سوف تشل إسرائيل من الناقورة حتى ديمونا وسوف تطال منشآت استراتيجية.
أمام هذا الثمن: ما هي الجدوى التي ستجينها إسرائيل؟