بالأمس صدمنا بالحالة الصحية المتفاقمة للأسير وليد دقة المحكوم بالمؤبد المحدد بـ 39 عاماً (صافي)، أثر اكتشاف تدهور وتفاقم مرض سرطان “اللوكيميا” الذي أصابه منذ عدة سنوات، سادها الإهمال الطبي داخل السجن، ليعود ويهدد حياته الباقية حتى قبل ان يرى نور الحرية.
ينضم وليد الى زميله عاصف الرفاعي وناصر أبو حميد وموفق عروق المرضى بالسرطان وحياتهم مهددة بالخطر، كذلك يوسف المقداد الذي تعرض لجلطة قلبية وغيرهم الكثيرين من أصحاب الامراض المزمنة، الذين يتم قتلهم ببطء في سجون “مقابر الاحياء” الاحتلال، بشكل سادي يتعارض مع حقوق السجين التي ينص عليها القانون الدولي، ناهيك عن ان الاحتلال الصهيوني لا يعترف بسجناء الحرية الفلسطينيين كسجناء حرب، وهو يستبيح دمهم وحقهم في الحياة السليمة والحرية.
في غمرة قضايانا اليومية الجارية التي لا تحتاج الى تحليل وتمحيص، بل الى متابعة وتفاعل والوقوف الى جانب كل من دافع ويدافع عن شعبه في لحظات المرض والاستشهاد لرفع المعنويات ومواساة الأهل، الذين يقدمون فلذات اكبادهم على مذبح حرية الوطن والشعب.
نعم ندعي ان “إسرائيل” تستغل التهاء الناس المشروع في الأسبوعين الأخيرين في المونديال العربي بامتياز، لترتكب مجزرة تنزف فيها شلالات دم أبناء مخيم جنين ونابلس ورام الله والخليل وكل بقعة ارض فلسطينية تقاوم الاحتلال، حيث يقتلون بدم بارد وبدون مبررات مقنعة، لدرجة ان مندوب الأمم المتحدة في الشرق الأوسط ادان اعدام الشاب عمار مفلح قبل أيام معدودة.
لم يكن عمار مفلح الا نموذجاً لسرعة الضغط على الزناد من قبل جيش الاحتلال الذي اعطى كامل التغطية القانونية والعسكرية ومن ثم الإعلامية والقضائية لهذا الإعدام المفضوح. لكن عمار لم يكن وحيداً ، بل جزءاً من قافلة من الشهداء قام بقتلهم الاحتلال أثناء المونديال، واليكم أسمائهم فقط ، كي يكونوا شاهدين ماديين على جرائم الاحتلال ، الذي “يشكو” من المقاومة الشرسة له، فهو يريد احتلال واذعان واستسلام بدون خسائر، لم ينلهما منذ عام 1948 ولن ينالهما حتى في مونديال كرة القدم في قطر، الذي ادخل به وبأنظمة التطبيع العميلة “الهدف الذهبي الفلسطيني “، ليثبت ان الأمة العربية واحدة تكره “إسرائيل” وترفضها، وترفض معها أنظمة التطبيع والعمالة، التي استقبلت صهاينة ومخابرات واعلام مخابراتي له مهمة لا تمت بصلة للإعلام .
اما قافلة شهداء “حقبة المونديال” بحسب ما أوردته الصحافة الفلسطينية، وبدون ترتيب في التواريخ، فهم: الشقيقين جواد وظافر ريماوي، مفيد خليل، راني أبو علي، رائد غازي النعسان، محمد ايمن السعدي، نعيم جمال زبيدي، محمد توفيق بدارنة، عطا شلبي، طارق الدمج، صدقي زكارنة، مجاهد محمود حامد وعمر يوسف حسن مناع إضافة الى عمار مفلح… (16 جريمة قتل في 16 يوم مونديال).
نتذكر عام 1982 أثناء نفس هذا المونديال العالمي، قامت دولة الكيان بعدوانها على لبنان الذي كانت نتيجته احتلال عاصمة عربية وطرد منظمة التحرير من لبنان، والبقاء في جنوب لبنان حتى عام 2006 حينما حررت المقاومة ذلك الجنوب، وحالة الحرب ما تزال قائمة، قابلة للاشتعال في كل لحظة.
خلاصة القول، اننا مع احتفالاتنا المشروعة بالكرة العربية المغربية وبانتصار القضية الفلسطينية شعبياً وإعلامياً وفي الملاعب وساحات مونديال قطر، كذلك انكشاف التضامن القومي العربي وشعوب الامة العربية الواحدة التي طغت على سطح المونديال الذي تحول الى فلسطيني وعروبي بامتياز، وتحول الى كره ورفض لدولة اليهود، باعتراف “مراسليها” (جواسيسها) واحتقارهم من قبل المشجعين السعوديين والقطريين تحديداً، ناهيك عن المغرب والجزائر وتونس ولبنان وسوريا وإيران …. وكل الأمة المتواجدة في قطر وفي البيوت التي كانت حبيسة الانفاس حتى انتصار الفريق المغربي الذي التقط صورة جماعية له بعد الانتصار محتضناً علم فلسطين …
حينها كان الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية تحديداً يدفع ضريبة الدم ويترجم مشاعر العرب الى مقاومة هذا الاحتلال الصهيوني البغيض.
على القوى القومية والوطنية ان تستغل هبة مشاعر التضامن العربي لتنظيمها وخرطها في عملية الدفاع عن بقاء الشعب الفلسطيني في وطنه كون ابنائه يتعرضون لعملية قتل بدم بارد، حراً وسيداً على أرضه.
علينا في الداخل الفلسطيني ان نتعلم الدرس وننتظم وطنياً، بعيداً عن مؤسسات دولة الاعدامات الميدانية، لنقف مع شعبنا وسجنائنا وأهالي الشهداء وقفة رجل واحد، شعبية ونضالية، لا نسمح باستمرار العدوان والقتل بدم بارد لأبناء شعبنا. فما ينتظرنا من حكومة “الفاشست” الدينية المتطرفة، ربما سيضطرنا للعودة الى المربع الأول من المقاومة الشعبية، نكون او لا نكون، وسنكون.