الفريق الإيراني في المونديال قام بحركة اثلجت صدر “إسرائيل ” واعلامها وكل أعداء ايران، عندما لم ينشد الفريق النشيد الوطني الإيراني في قطر، احتجاجاً على الأوضاع المتوترة بين الثورة الخمينية والثورة المضادة التي سأتطرق لها لاحقاً.
“كابتن” ( قائد ) الفريق تحدث في مؤتمر صحفي قبل ذلك ، عما يجري في إيران وقال ان الأوضاع صعبة وخطيرة. هكذا تماماً كان الغرب يتعامل مع رياضيي الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي، حيث قام بتجنيد بعضهم واغرائهم مالياً للهروب اثناء الألعاب الدولية من دولهم، وما زلت اذكر ” ناديا كومونيتشي “.. بهدف ضرب دولهم معنوياً واذكاء الصراع الداخلي في هذه الدول، عبر استخدام رموز رياضية تحظى بشعبية في بلدانها..
لم اسمع أي رد فعل رسمي إيراني على هاتين الخطوتين وأتمنى الا يتم المس باي من أعضاء الفريق لتفويت المؤامرة هذه ايضاً، رغم ان هذه التصرفات غير قانونية كما ادعى الاعلام الصهيوني، وبرأيي انها غير لائقة بحق الفريق وشعبهم، والدولة التي تنفق عليهم وترسلهم ليمثلوها في مثل هكذا حدث عالمي.
إلا ان هذه الخطوة تؤكد وجود حالة عنف وصراع بين الثورة الخمينية والثورة الصهيوامريكية المضادة التي كتبت عنها قبل أسبوع انها تتشبّه “بالربيع العربي” الأمريكي الذي هزم على أبواب دمشق.
لا اريد المرور مر الكرام على سلوك المنتخب الألماني الذي قام بحركة غلق الافواه احتجاجاً على “كتم الحريات ” في قطر والشرق الأوسط كما ادعى البعض، ونظراً لأن ربيبتهم قطر منعتهم من وضع شارة المثليين على ذراع قائد الفريق في الألعاب ومنعت الجماهير التي جاءت لتحضر الألعاب من كل العالم من احتساء البيرة داخل الملاعب، تماماً كما هو الحال في كل العاب المونديال بالعالم، حيث خصصت “لشريبة” البيرة وحقوق الانسان أماكن خاصة لممارسة حريتهم واحتسائهم للبيرة. ولا ندري كيف تتطور الاحداث في كلا الحالتين في الأسابيع القادمة.
في هذا السياق ايضاً، لا يسعني الا ان اعبر عن غبطتي لرفض سائقي “التكسيات” والمواطنين القطريين والعرب ومن العالم الذين رفضوا مقابلة وسائل الاعلام الصهيوني وقالوا لهم انهم احتلال ويقومون بقتل الشعب الفلسطيني.. باختصار رفضوهم ونبذوهم …
الغرب يتدخل ليس فقط بأنظمتنا السياسية ومعتقداتنا وببرامج التدريس ومقدراتنا الاقتصادية ، بل في ايماننا وسلوكنا الاجتماعي ، كيف نلبس وكيف نتزوج وكيف نمارس الجنس ، ما المسموح لنا ان نتعلم او نصنع ، سيارات دبابات طائرات صواريخ قنابل نووية … كل شيء ، من “الكلسون حتى القنبلة النووية” !
فاذا لم يكن هذا استعماراً ليس للأوطان فقط ، بل للإنسان العربي والانسان الذي اضعفوه باستعمارهم على مر العصور على كل الكرة الأرضية , فماذا هو الاستعمار اذن !
واذا لا تخضع لإرادتهم ، فانت دكتاتوري ، معادي للإنسانية ( الغربية) وحقوق الانسان والديمقراطية ومعادي ” للسامية ” – لليهودية والصهيونية والامركة والغربنة … لذلك علينا نحن المضطهدين في وليس من أمريكا واعوانها ، بسبب عدم ولائكم أيها المتمردون ، وترفضون أن نصيغ لكم نمط حياتكم برمتها .. علينا نحن المتمرد علينا، تصفية الانظمة التي ترفض ذلك، والتدخل في حياة الشعوب، سواء عند العرب او في روسيا او الصين او إيران.
هذه هي المعركة اذن، حضارية، معركة يقودها الأقوى، ويتصدى لها الحر الشريف الوطني المؤمن بحضارته وتراثه وشعبه.. انها الحرب الازلية بين القوي والضعيف ، انها الصراع الطبقي بين الرأسمال الفاحش الاحتكاري الكولونيالي وبين الاستقلال والسيادة والتطور الطبيعي على ارض وطنك ، دون استعمار واكراه ، مهما كان نوعه وشكله …
نعم ، يوجد صراع وعنف في ايران بين الثورة الخمينية التي خلعت الشاه ، رمز الاستعمار والصهيونية وبين بقاياه وبعض التنظيمات العرقية الانفصالية ومجاهدي خلق المتأمركة وخلايا تكفيرية داعشية ، حيث قام المحور الأمريكي – صهيوني سعودي ومن لف لفهم ، بتسليح وتدريب مجموعات خصصت لها ميزانية تصل الى مليار دولار بحسب الاعلام الغربي النزيه ، لتقوم بحروب الشوارع والاغتيالات ونشر الفوضى في كل ارجاء ايران ، تماماً كما فعلوا في سوريا وليبيا والعراق واليمن عينياً .
اذن مسألة خلع الحجاب والتظاهر السلمي المشروع حولها، تشبه تظاهرات درعة السلمية، التي تسلحت فوراً وظهرت جيوشها الجاهزة والمستقدمة من كل انحاء العالم، تماماً كما ظهرت المجموعات المسلحة الآن في مختلف انحاء إيران، وكأنهم جميعاً انتظروا كبسة الزر الأخضر – من العدو الاكبر.
انتصرت دمشق وأوقفت مد الربيع الأمريكي في المنطقة برمتها، وستنتصر إيران، وهي القوية بثورتها المعادية للاستعمار والصهيونية والعملاء العرب والمسلمين، القوية بشعبها الذي احتل الشوارع بالملايين ليدافع عن وطنه وسيادته وتطوره التكنولوجي الذي ارتقى الى صناعة الصاروخ الفرط صوتي، وعلى مشارف القنبلة النووية.
انها حرب بكل الأماكن والوسائل، حيث تمكن “موساد الكيان “هذا الأسبوع من قتل قائد إيراني في سوريا، وتمكنت ايران من اختراق كاميرات شرطة “إسرائيل ” في القدس , حيث نشرت فيديوهات جديدة عن عمليتي القدس، كما نشر الاعلام العبري، (انظر الفيديو المرفق).
انها ساحات متشابكة في الحرب الكونية الباردة حالياً. فحرب أوكرانيا التي بدأت تدخل مراحلها النهائية، حيث تقوم روسيا بتأديب امريكا والناتو على ارض اوكرانيا، التي يعم الظلام ارجاءها، حيث يتوقع الاستراتيجيون انها لن تصل فصل الربيع قبل الاستسلام، كذلك البرد الذي يجتاح سكان أوروبا الذين يخرجون للشوارع ضد حكامهم بهدف فصلهم عن سياسات أمريكا ومصالحها.
انه الخضوع الأمريكي للصين في مؤتمر الـ 20 الأخير، وان كان تكتيكياً، يهدف الى فصل الصين عن روسيا وتخليها عنها، الا ان ذلك لن يحصل. فالصين تدرك تماماً من هي أمريكا ولن تتخلى عن روسيا وكذلك ايران وكل الدول التي ترفض الهيمنة الاستعمارية الامريكية، سواء منفردين او في قطب واحد متعدد الرؤوس، جميعهم في أتون الصراع العالمي لكبح جماح أمريكا ومحورها، انه المونديال الحقيقي، انه ” المينستريم ” العالمي المفروض، بعيداً عن التفاصيل والتوافه والتافهين ” الثوريين”