أخطر الحروب الصهيونية:الاحتلال يشكل فرقا خاصة لتدمير وسرقة ملايين اشجار الزيتون الفلسطينية...!
* نواف الزرو
Nzaro22@hotmail.com
في الادبيات السياسية /الايديولوجية كما في الاستراتيجيات الصهيونية شكلت ثلاثية الارض والاستيطان والتهجير/الترانسفير/ المرتكزات الاساسية للسياسات الهجومية على فلسطين على مدى عقود قيام تلك الدولة الاستعمارية الماضية.. وشكلت الارض على نحو خاص محور كل الحروب وتحركات البلدوزر الصهيوني الاقتلاعي التهويدي... ولذلك كانت الحروب الحقيقية تجري هناك على امتداد مساحة الوطن على الارض الفلسطينية... فكان العنوان الكبير.. الكبير الذي يمكن تثبيته بالبنط العريض للمشهد الفلسطيني القديم - الجديد - المتجدد - الراهن: حروب صهيونية مفتوحة..واستيطان وتهويد بلا حدود... وانتفاضات فلسطينية متصلة.. وتواطؤ او صمت عربي ودولي رهيب....!
كان اوري افنيري احد اهم اقطاب "معسكر السلام" الاسرائيلي وابرز الخبراء في السياسات الصهيونية قد اكد لنا على سبيل المثال قائلاً: "ان الحرب الحقيقية في الضفة تدور رحاها على امتداد اراضي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، واسلحتها تتكون من: الخرائط والقرارات والأوامر العسكرية والبلدوزرات، وهي حرب مصيرية / على الارض/يتعلق بها مصير ملايين الاسرائيليين والفلسطينيين، فأما الحياة واما الموت".
وبهدف حلاقة وتنظيف الارض الفلسطينية منهجت دولة الاحتلال هجومها على الارض والاقتصاد الفلسطيني عصب الحياة والصمود .. وبرمجت اجتياحاتها للمدن والقرى والمخيمات..وركزت على اختطاف الارض الفلسطينية من اهلها عبر اجراءت لا حصر لها..ولذلك ليس من قبيل المبالغة القول أن الجبهة الاقتصادية لا تقل خطورة عن الجبهة العسكرية، بل هي شريان التغذية للصمود والمواصلة ..بل أن الإجراءات الاقتصادية القمعية الخنقية ضد الشعب الفلسطيني وعلى نحو خاص منها المجزرة المستمرة ضد عائلة الزيتون الفلسطينية، إنما هي بمثابة المدفعية الثقيلة التي تستخدمها سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين وذلك بغية تجريد الفلسطينيين من اراضيهم وقطع شرايين الدم والتغذية عن الحياة الفلسطينية، لإجبار المواطنين المزارعين على الاستسلام والخضوع والرحيل عن الارض، بعد أن أخفقت الإجراءات الحربية الإسرائيلية في تحقيق أهدافها التركيعية.
وعليه فان كانت اهم العناوين التي تميز المشهد الفلسطيني الراهن ميدانيا: المجازروالاغتيالات والبلدوزرات وبناء المستوطنات والجدران العنصرية..والاجتياحات والحصارات والاطواق الحربية القمعية التجويعية .. الا ان واحدة من اخطرالحروب الاسرائيلية التي لا تكل ولا تتوقف ابدا ضد الوجود والصمود الفلسطيني هي تلك الحرب الاقتلاعية الابادية الشاملة التي تشنها دولة الاحتلال جيشا ومستعمرين على عائلة الزيتون الفلسطينية التي باتت اليوم عرضة للابادة والانقراض التدريجي وعلى نحو خاص منها تلك الاشجار التاريخية العتيقة العميقة الجذور في التربة والتاريخ...
في المضامين الجذرية الصمودية المرتبطة بشجرة الزيتون الفلسطينية قيل في الزيت والزيتون في التراث الفلسطيني: "كل زيت بتناطح الحيط".. و"القمح والزيت سبعين بالبيت".. و"الزيت نور على نور".. و"اللي عنده زيت بعمر البيت". ..
كما تغنى الفلسطينيون بالزيتون قائلينً:
"على دلعونا على دلـعونا.......بي.. الغربة الوطن حنونا
بالله إن متت يامّا اقبروني.......بأرض بلدنا بفيّ الزيتونا"
والتراث الفلسطيني زاخر بالامثال والاشعار التي تتغزل بشجرة الزيتون الفلسطينية .
ولكل هذه الخلفيات ونظرا للارتباط العضوي الوثيق ما بين الاستيطان والتهجير والارض …ونظرا لان الزيتون هو الاهم في الزراعة الفلسطينية وفي الصمود والتواصل ..فقد كان للمجزرة الصهيونية المفتوحة ضد عائلة الزيتون الفلسطينية ما يبررها ويسوغها ايديولوجيا.. بالرغم من عمق ومدى البشاعة والقسوة فيها...فكما هناك ادبيات وفتاوى دينية توراتية وسياسية تبيح لهم مواصلة المجزرة الدموية المفتوحة ضد نساء واطفال وشيب وشبان فلسطين ....كذلك هناك ادبيات صهيونية توراتية وسياسية تقف وراء هذه الحرب التدميرية التجريفية الاقتلاعية المروعة ضد شجرة الزيتون الفلسطينية...
فالمشروع الصهيوني الاستيطاني يقوم بالاساس على فرضية "فصل الارض عن السكان تمهيدا لطرد السكان من الارض" وعلى قاعدة " اوسع مساحات ممكنة من الارض بأقل عدد ممكن من السكان/كما نظر اقطاب الدولة الصهيونية دائما/"...
وفي هذا البعد تحديدا تأخذ فتوى الحاخام الاكبر سابقا لديهم مردخاي الياهو دلالتها في بعد السيطرة على الارض حينما قال ليبرر سيطرة المستوطنين على زيتون فلسطين:"بلاد الاغيار وعمل الشعوب/القوميات/ يورث/"...!
وفي ضوء كل ذلك ...وبمراجعة دفاتر اليوميات الزيتونية والتقارير والابحاث و التفاصيل الهائلة المتعلقة بالمجزرة الصهيونية المتصلة ضد عائلة الزيتون الفلسطينية على مدى سنوات الاحتلال الماضية.. فقد عايشنا وتابعنا كيف كان المستوطنون وما زالوا عمليا كذلك في كل موسم زيتوني يهاجمون مواسم الزيتون بحرق الاشجار او سرقتها.. وبالاعتداء على المزارعين الفلسطينيين بالقتل وسرقة محاصيلهم.. ويمنعون المزارعين من قطف المحصول ويستولون عليه.. وكيف كان وما زال من يسمون"شبان التلال" اليهود يصعدون حرب الزيتون ضد الفلسطينيين.. يضاف الى ذلك ما وثقه حتى زئيف شيف من "ان لصوص الزيتون-المستوطنون-يقومون بحرق اشجار الزيتون بعد سرقة المحاصيل"..ويعتدون ويعربدون ويحولون حقول الزيتون الى خراب تحت حماية وفرجة قوات الجيش التي تتجاهل هجماتهم على الفلسطينيين...لدرجة انه تم تشكيل فرق اسرائيلية خاصة لقطع وتدمير وسرقة اشجار الزيتون ...".
- فالمستوطنون يشكلون رأس حربة الاستيطان ويقومون بتدمير حقول الزيتون تدميرا منهجيا. بينما تقوم جرافات الاحتلال بتدمير ارض الاجداد ورزق الاحفاد وتقتلع اكثر من مليون وربع المليون شجرة... كما يقوم مستوطنو الكاوبوي بخلط الزيت بالدماء في كل حقل فلسطيني ...
فتحولت مواسم قطف الزيتون الى مواسم قتل ودماء...والى مواسم للاحزان والالام...
الى كل ذلك،نستحضر ابرز العناوين من دفاتر يوميات مواسم الزيتون الفلسطيني على مدى سنوات الاحتلال الماضية تكثف لنا حرب الاحتلال ضد البيئة والشجر الفلسطيني بالعناوين التالية :
- الاحتلال الاسرائيلي يقتلع في فلسطين شجرة كل دقيقة.
- موسم الزيتون الفلسطيني مضمخ بدماء الشهداء والجرحى ...
- اعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال والحواجز العسكرية تسرق فرحة المزارعين الفلسطينيين الذين يحتفلون كل موسم بخيرات ارضهم من الزيت والزيتون..
- فرق اسرائيلية لقطع وتدمير وسرقة اشجار الزيتون ...
- موسم الزيتون الفلسطيني يبدأه المستوطنون بالحرائق وينهونه بالدماء...
- مستوطنو الكاوبوي يخلطون الزيت بالدماء...
- موسم قطف الزيتون يتحول الى موسم قتل ودماء...
- موسم قطف الزيتون يتحول الى موسم للاحزان والالام...
- "النفط الاخضر الفلسطيني تحرقه نيران المستوطنين...
- لم تشهد شجرة في التاريخ حربا شرسة وعداءا مستحكما كما تشهد شجرة الزيتون الفلسطينية ...
- الشجرة المباركة تتحول الى ضحية للاقتلاع والتنظيف على يد لصوص الارض والتاريخ ...
- موسم الزيتون الفلسطيني يتحول الى ساحة معركة دائمة ...
- تحت وطاة جنازير الدبابات واسنان الجرافات :الارض تبكي اصحابها واشجار الزيتون تتناثر اشلاؤها تحت التراب ...
-اسنان الجرافات تقتلع اشجار الزيتون في مشهد لا يمكن وصف فظاعته واجراميته ..
-الالاف من اشجار الزيتون يجري اقتلاعها من جذورها بدقة متناهية ومن ثم يجري سرقتها ونقلها الى "اسرائيلي"على وجه السرعة ...
فعلى سبيل المثال قبل اسابيع قليلة أخطرتّ سلطات الاحتلال الصهيوني بإزالة عشرات آلاف الأشجار الحرجية في منطقة عاطوف جنوب شرق طوباس وجاءإنّ سلطات الاحتلال أخطرت بإزالة 30 ألف شجرة حرجية مزروعة ضمن محمية رعوية على مساحة 1600 دونم- الإثنين 17 أكتوبر 2022-.
ويوم الاثنين 14-11-2022 اقتلعت ودمرت قوات الاحتلال الاسرائيلي 2000 شجرة زيتون، وهدمت سلاسل حجرية، في بلدة قراوة بني حسان غرب سلفيت، وأفاد رئيس بلدية قراوة بني حسان ابراهيم عاصي لـ"وفا"، بأن قوات الاحتلال اقتحمت منطقة "العواريض" الواقعة شمال غرب البلدة، وأعلنتها منطقة عسكرية مغلقة، واقتلعت ودمرت ما يقارب 2000 شجرة زيتون، وقامت برش مبيدات كيماوية على مساحة تقدر بمئات الدونمات، وهدمت سلاسل حجرية. وهذه المجزرة البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق أشجار الزيتون، تكررت في السادس من كانون الثاني عام 2021، عندما اقتلعت 3 آلاف شجرة زيتون في بلدة دير بلوط غرب سلفيت، استمر التجريف لأكثر من خمس ساعات على مساحة تقارب 300 دونم، وسرقت قوات الاحتلال أشجار الزيتون التي اقتلعتها، وقصّت بعضها، ورشّت الأشتال الصغيرة من الزيتون والعنب واللوزيات بمبيدات قاتلة.
وقبل ذلك اقتلع مستوطنون الثلاثاء نحو 900 شتلة مشمش وزيتون، وسرقوا ثمار الزيتون، من أراضي سبسطية قضاء نابلس، وقال رئيس بلدية سبسطية محمد عازم، إن "المستوطنين اقتلعوا نحو 700 شتلة مشمش، و200 شتلة زيتون من الأراضي المحاذية لمستوطنة " شافي شمرون"، بعد سرقتهم في ساعات الصباح ثمار الزيتون من مساحة 18 دونما تعود للمواطن مجد طلال شحادة، ومنع الأهالي الوصول إليها-: 12/10/2021 –".
وكان رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية قد اعلن ان الاحتلال اقتلع أكثر من مليونين و500 ألف شجرة، في الضفة الغربية المحتلة، بينها نحو 800 ألف شجرة زيتون: مؤكدا: "إسرائيل اقتلعت منذ عام 1967 إلى يومنا هذا أكثر من مليونين و500 ألف شجرة من أراضي فلسطين، بما يشمل 800 ألف شجرة زيتون-: 20/10/2021 –".
اما عن الادبيات الصهيونية التوراتية والسياسية التي تقف وراء هذه الحرب الاحتلالية التدميرية التجريفية الاقتلاعية لشجرة الزيتون الفلسطينية فحدث ولا حرج ...:
فالزعيم الروحي لحركة شاس الحاخام الاكبر عوباديا يوسف كان قد تمنى للمستعمرين اليهود خلال لقاء مع قادة مجلس المستعمرات « النصر على الفلسطينيين الذين وصفهم بـ "الاغيار المجرمين".
والحاخام مردخاي الياهو احد ابرز كبار حاخامات الصهيونية ايضا شرع للمستعمرين سرقة الزيتون الفلسطيني قائلا: "انه يمكن جني المحصول وقطف الزيتون من مزارع الفلسطينيين، لانهم يزرعون في ارضنا".
كما اصدر وزير البنى التحتية الاسرائيلي السابق "آفي ايتام" من جهته امرا بوقف "حفر الآبار في المناطق الفلسطينية حتى يتوقف كليا - كما زعم - الحفر غير القانوني لآبار المياه وسرقة المياه.."
بينما تواصل البلدوزرات العسكرية من جهتها تجريف الاخضر واليابس و"حلاقة الارض الفلسطينية"، وفق خطط حربية ترمي في نهاية الامر الى تكريس الاستعمار الاستيطاني للاراضي العربية المحتلة.
وفي هذا السياق وعلى نحو مكمل ايضا "سبق للبروفيسور أرنون سوفر، الذي يُعدّ من أبرز الخبراء الإسرائيليين في مجال الجيو- استراتيجيا، أن اعتبر المزارعين-الغزاة- اليهود في أنحاء "أرض إسرائيل" كلها بمثابة "الخلية الأهم" في جسد المشروع الاستيطاني الصهيوني، كونهم يربطون "الشعب اليهودي" بأرضه، الأمر الذي ليس في مستطاع أي فرع اقتصادي آخر أن يفعله، وذهب إلى حدّ القول إن ما هو أكثر أهميةً من ذلك، في الوقت ذاته، أن الزراعة في حالة إسرائيل المخصوصة تعني الأمن، ذلك أن المزارع يساهم بدور مركزي للغاية في الحفاظ على الأرض، وهو دور يتعذّر على أي وحدة أو دورية عسكرية إسرائيلية القيام به، وفي رأيه، يشكّل المزارعون من الناحية العملية "عيون الدولة" على نحوٍ يفوق ما تقوم به "عيون" الوحدات الاستخباراتية كلها الموجودة لدى الجيش الإسرائيلي- انطوان شلحت-تاريخ النشر: 09/02/2022 –".
جملة كبيرة من فتاوى الحاخامات والاوامر والقرارات الحكومية والخطط والحملات الحربية التدميرية، يضاف اليها اعتداءات وهجمات المستعمرين اليهود المتزامنة، كلها تتكثف في موسم الزيتون الفلسطيني على شكل حرب تجريف وتدمير واقتلاع واعدام مع سبق النية والترصد ضد شجرة الزيتون الفلسطينية، لتقترف دولة وقوات وعصابات المستعمرين اوسع وأبشع مجزرة لم يشهدها تاريخ البشرية حتى الان ضد الشجرة الخضراء التي يفترض انها رمز الخير والسلام.
فأصبحت هذه الشجرة هدفا رئيسيا للجنود والمستعمرين اليهود.
وشن المستعمرون حملاتهم واعتداءاتهم المخططة على شجرة الزيتون الفلسطينية، فحولوا مواسم قطف الزيتون الى مواسم رعب وحرق وقتل.. والى مواسم مضمخة بدماء الشهداء والجرحى من اطفال ونساء وشيوخ الفلسطينيين، فاشتعلت النيران "بالنفط الاخضر" الفلسطيني، واختلط الزيت بالدم.
والخلاصة المكثفة هنا ان"النفط الاخضر الفلسطيني" تحرقه نيران المستوطنين بلا رحمة وبلا توقف وتحت غطاء الجيش والفتاوى التوراتية ...والخلاصة المكثفة ان الشجرة المباركة تتحول الى ضحية للاقتلاع والتنظيف على يد لصوص الارض والتاريخ ...
والحصيلة الاجمالية ايضا ان الارض الفلسطينية اصبحت تبكي اصحابها.. وان شجرة الزيتون التي تئن تحت وطأة جنازير الجرافات الاحتلالية تتناثر اشلاؤها تحت التراب في كل دقيقة تقريبا..
ولكل ذلك نتساءل في الخلاصة المفيدة التي كنا اكدناها مرارا في هذا السياق :
- هل اطلقت اشجار الزيتون الفلسطينية يا ترى النار على الجنود والمستعمرين اليهود واستولت على اراضيهم وممتلكاتهم كي تتعرض لمثل هذه المجزرة المفتوحة...؟!!-
- وهل نفذت عمليات استشهادية في قلب تل ابيب..؟ ..
- ام تحولت بدورها الى فلسطينية متهمة بالارهاب وبالتالي باتت في دائرة الاستهداف والاعدام المستمر على مدار الساعة بلا هوادة...؟!
تننتظر فلسطين انتفاضة عارمة تغير موازين المشهد وتضع حدا للحرب الاحتلالية ضد شجرة الزيتون الفلسطينية....!
وتنتظر ايضا بل اول ان تتحرك الضمائر العربية والأممية وان تتحرك هيئات وجمعيات حقوق الانسان في العالم...فهل يحصل....؟! |