أمجاد العرب
صحيفة الكترونية يومية amgadalarab.48@gmail.com
ألصفحة الرئيسة
أخبار .. بيانات
عناوين اخبارية
ملفات اخبارية
مختارات صحفية
كورونا حول العالم
بيانات و تصريحات
تحت المجهر
كواليس واسرار
كورونا
انتخابات
مقالات وتحليلات
مواضيع مميزة
مقالات وافكار
تقارير دراسات
ادب وثقافة
منوعات
الأسرى
كورونا حول العالم
كلمة الأمجاد
راسلنا
من نحن
 
كلمة الأمجاد
استطلاعات رأي لها دلالات سياسية // رجا اغباريه
 
المتواجدون حالياً
 
المتواجدون حالياً :
 
 67
 
عدد الزيارات : 68724272
 
عدد الزيارات اليوم : 37747
 
أكثر عدد زيارات كان : 77072
 
في تاريخ : 2021-10-26
 
 
مقالات
 
مواضيع مميزة
لابيد: الاتفاق بين السعودية وإيران فشل خطير للسياسة الخارجية لإسرائيل وانهيار لجدار الدفاع الإقليمي.

محللون.. رمضان سيجلِب الطوفان.......المُواجهة مع بايدن قريبةً جدًا.. نتنياهو غاضب لعدم دعوته لواشنطن.

هآرتس: ضباط إسرائيليون يهددون برفض الخدمة احتجاجاً على مشروع نتنياهو القضائي

موقع واللا العبري يكشف عن قناة تواصل سرية بين نتنياهو وأبو مازن

رئيس الشاباك: الوضع في "إسرائيل" متفجر ويقترب من نقطة الغليان

خلافات كبيرة بين سموتريتش وغالانت.. حكومة نتنياهو تواجه أزمة داخل الائتلاف ومعضلات أمنية.

الحركة الأسيرة تقرر الشروع بسلسلة خطوات ردًا على إجراءات بن غفير

لماذا كان الزلزال في تركيا وسوريا مُدمرًا إلى هذا الحد؟.. خبراء يكشفون عن المفاجأة الكبيرة والسر

بينيت يكشف أن زيلينسكي كان تحت التهديد لكن بوتين “وعده بعدم قتله”..

تحليلات: حكومة نتنياهو لا تملك أدوات جديدة لمنع العمليات الفلسطينية

شبح الحرب الأهليّة! رئيس الشاباك: المُستثمرون الأجانب يهربون والمظاهرات ممتازة ويجِب تعطيل الدولة.

تقرير أمني يكشف أكبر تهديد استراتيجي تواجهه "إسرائيل" في 2023

عميد الاسرى العرب كريم يونس ينال حريته بعد 40 عاما في الأسر.. بن غفير يطالب بمنع أي احتفالات لاستقباله

 
مواقع صديقة
الراية نيوز
نبض الوعي العربي
سورية العربية
الصفصاف
مدارات عربية
 آخر الأخبار |
   وسط صراع بين الاثنين: نتنياهو وغالانت سيدليان بتصريحين منفصلين مساء اليوم      وكالات: سوريا والسعودية تتفقان على إعادة فتح سفارتي البلدين واستعادة العلاقات.      مظاهرات وإغلاق شوارع بأنحاء إسرائيل احتجاجا على إضعاف القضاء      أَإِلَى رَمْسِهَا .. زُفَّتْ سَمِيرَامِيسْ؟ آمال عوّاد رضوان      الاحتلال يغتال مؤسس وقائد كتيبة طولكرم بعد محاصرته في عزبة شوفة بطولكرم..      الكنيست يصادق على قانون منع عزل نتنياهو..نتنياهو رفض دعوة غالانت لتأجيل تشريعات إضعاف القضاء.      الأسرى يعلقون خطوة الإضراب عن الطعام بعد وقف الإجراءات العقابية والتعسفية بحقهم      بدء العمل بالتوقيت الصيفي فجر يوم 24 آذار الجاري.      بلديّة الاحتلال تسرّع بناء حيّ استيطانيّ يفصل القدس عن بيت لحم....      انخفاض معدل وفيات كورونا في العالم بنسبة 46%..      إسرائيل طالبت واشنطن تسريع تسليمها ناقلات جويّة "لضربة محتملة ضد إيران"      الجيش الإسرائيليّ يعلن سقوط مسيّرة له في سورية خلال عملية روتينية".      "إسرائيل" في رمضان.. عملية مجدو وإضراب الأسرى وتصريح نصر الله " تسخين ما قبل المعركة"      موسكو: تسليم قذائف باليورانيوم المنضّب لأوكرانيا سيعدّ تفاقما "خطيرا" للنزاع      نصر الله يعلق على عملية مجدو.. ويقول لغالانت:" بلّط البحر"      مجلس النواب الأردني يوافق على مقترح طرد السفير الإسرائيلي من عمان      الكيان يُهدِّد باغتيال قادة حزب الله وحماس ورئيس الأمن القوميّ: بإمكاننا إلحاق الضرر بالقادة شخصيًا دون حربٍ شاملةٍ.      عدوان إسرائيلي يستهدف مطار حلب الدولي فجر الاربعاء      مواجهات واعتقالات طالت 25 فلسطينيا بالضفة والقدس      يديعوت: السموتريتشية تعتلي "الإصلاح" لمحو الشعب الفلسطيني.. ماذا ينتظر "الدولة الرابعة في السعادة"؟      رفض خدمة فعلي بلواء النخبة: 57% من الاحتياط امتثلوا بتدريبات      الاحتلال ينقل أعضاء لجنة طوارئ الحركة الأسيرة لمكان مجهول      القبة الحديدية تطلق صواريخ اعتراضية باتجاه طائرة مسيرة حاولت اختراق غلاف غزة      خطوة نادرة جدا .. أمريكا تستدعي سفير إسرائيل وتوبخه بسبب قانون العودة للمستوطنات ..      الإمارات تدرس تقليص تمثيلها الدبلوماسي في إسرائيل      حسين علي غالب بابان // ضياع أموال لشعبنا الفلسطيني      حقبة جديدة بين الصين وروسيا.. بوتين وشي يعلنان عن شراكة استراتيجية بين البلدين      رسميًّا: الخميس أوّل أيام شهر رمضان في 11 دولة عربيّة بينها فلسطين      جنود الاحتياط يحذرون من تفكك الجيش الإسرائيلي: الآلاف سيمتنعون عن الخدمة...      إصابة 3 جنود إسرائيليين في انفجار لغم أرضي قرب الحدود مع لبنان     
مقالات وتحليلات 
 

فرصةٌ هامّة ومسؤوليّةٌ واجبة أمام الجيل العربي الجديد صبحي غندور*

2022-10-04
 

فرصةٌ هامّة ومسؤوليّةٌ واجبة أمام الجيل العربي الجديد

صبحي غندور*

 

لو سألنا معظم العرب عن أولويّة اهتماماتهم العامّة الآن، لكانت الإجابة حتماً محصورةً في أوضاع وطنهم الصغير، لا "وطنهم العربي الكبير"، ولا قضيّتهم الكبرى فلسطين، فالأمَّة الواحدة أصبحت الآن "أمماً"، وفي كلٍّ منها "أممٌ متعدّدة" بتعدّد الطوائف والأعراق والعشائر، ولدى العديد منها أزمته الحادّة وصراعاته المفتوحة دون أن يلوح أفقُ أملٍ أو حلٌّ قريب.       

إنّ تعبير "الربيع العربي" الذي جرى استخدامه منذ أكثر من عقدٍ من الزمن يوحي وكأنّ ما حدث في المنطقة العربية هو ثورةٌ واحدة موحّدة في الأساليب والقيادات والأهداف والظروف، وعلى أرضٍ واحدة وفي كيانٍ واحد، وهذا كلّه غير صحيح. فالمنطقة العربية هي أمَّةٌ واحدة، لكنّها تقوم على 22 دولة وكيان وأنظمة حكم مختلفة. فوحدة "الشارع العربي"، من الناحيتين السياسية والعملية، هي غير متوفّرة بسبب هذا الواقع الانقسامي السائد لقرنٍ من الزمن، وبالتالي فإنّ المشترك، كان وما زال، هو حدوث انتفاضاتٍ شعبية عربية، لكن بقوى مختلفة وبظروف متباينة وبأساليب متناقضة أحياناً.

وكان واضحاً، وما يزال، غياب المعيار العربي الواحد لتقييم هذه الانتفاضات الشعبية ماضياً وحاضراً. فقد يكون معيار البعض هو العامل السياسي المحلي فقط، من خلال تغيير أشخاص في الحكم أو إسقاط نظام، بينما قد يكون المعيار، لدى البعض الآخر، هو مدى قدرة هذه الانتفاضات الشعبية على البقاء متحرّرة من التدخّل الأجنبي وشروطه المستقبلية على النظام البديل، أو ربما بما يتصل بالموقف من الأحتلال الأسرائيلي والمعاهدات معه.

أيضاً، تختلف المعايير العربية، ممّا حدث حتّى الآن في المنطقة، تبعاً للمواقع العقَدية الفكرية والسياسية، كما هي أيضاً في المعايير الدينية والمذهبية والإثنية عند من يعتبرونها مرجعيتهم لتحديد مواقفهم من أيّ شأن، حيث دعم أو رفض التغيير في أيّ مكان ينطلق عندهم من هذه المعايير والمصالح الفئوية.

إنّ المتغيّرات العربية الداخلية حدثت وتحدث في مناخ تزداد فيه الطروحات الانقسامية في المجتمعات العربية، وقد ساد في الفترة الأخيرة دور الجهات الإقليمية والدولية في التأثير على نتائجها، وما يحدث الآن في عموم أرض العرب، هو تعبيرٌ لا عن خطايا حكومات وأنظمة فقط، بل هو مرآةٌ تعكس الفهم الشعبي العربي الخاطئ للدين وللهويتين العربية والوطنية، ولمدى خلط بعض المعارضات بين مواجهة الحكومات وبين هدم الكيانات الوطنية، ولسقوط بعض المعارضين والمفكّرين في وحل وهُوّة التفكير الطائفي والمذهبي والمناطقي، وفي التماشي مع رغبات "الخارج" وشروطه للدعم والمساندة.

إنّ وجود فساد واستبدادٍ سياسي وبطالة واسعة وفقرٍ اجتماعي وغيابٍ لأدنى حقوق المواطنة وللحرّيات العامّة وانعدام فرص العمل أمام الجيل الجديد، كلّها عناوينٌ لانتفاضاتٍ شعبية جارية أو كامنة، وراءها عشرات الملايين من المظلومين والفقراء على امتداد الأرض العربية. لكن الأسئلة المهمّة هي: ماذا بعد الانتفاضات، وكيف سيكون بديل الواقع المرفوض ومن خلال من وكيف؟!. فأساس المشكلة في الحال العربي الراهن هو تراجع مفهوم "الوطن" وتعثّر تطبيق حقّ "المواطنة" وتهميش مسألة "السيادة الوطنية" واستباحة العلاقة مع الأجنبي بل التبعية له. ولعلّ في ما يحدث الآن، في تجارب عربية "ديمقراطية"، أمثلة حيّة على مكمن هذه المشكلة السائدة في المجتمع العربي.

***

ولقد كان أمراً ملفتاً للانتباه، ما حدث في تونس ومصر واليمن في العام 2011. ففي هذه البلدان الثلاثة كان الجيل الجديد، غير الحزبي أو المنظّم سياسياً، هو أساس الحراك الشعبي الذي حدث في كلٍّ منها والذي أدّى إلى تغييراتٍ في الحكم والقوى السياسية الحاكمة. لكن هذه القوى الشبابية الثائرة لم تقتطف ثمرة هذه الانتفاضات الشعبية ولعّلها لا تجد الآن في الأوضاع الراهنة ما يُعبّر عن أهدافها وطموحاتها.

وشهدت عدّة بلدان عربية مؤخّراً حالاً مشابهاً لما حدث في العام 2011، ففي الجزائر والسودان والعراق ولبنان وجدنا دوراً مهماً لجيل الشباب في إطلاق انتفاضاتٍ شعبية لكن دون حسم  لكيفية مستقبل هذه البلدان ولا لدور جيل الشباب في صياغة هذا المستقبل المنتظر.

هي معضلةٌ ترمز إلى حال البلدان العربية، حيث يحصل حراكٌ شعبيٌّ، شبابي بمعظمه، لكن بلا وضوح في القيادة والهُويّة الفكرية والسياسية، وإذا حصل أحياناً هذا الوضوح، نراه بعيداً عن السّمة الوطنية العامّة ونافراً من الهوية العربية ومتّصفاً بالفئوية الطائفية والحزبية ومستنداً إلى دعمٍ خارجي مشبوه!.

إنّ المراهنة دائماً هي على الأجيال الشّابة وعلى دورها الفاعل في صناعة المستقبل. فأيُّ جيلٍ عربي جديد هو الذي نأمل منه الآن إحداث التغيير نحو الأفضل في الأوطان العربية؟

 إنَّ "الجيل القديم" في أيّ مجتمع هو بمثابة خزّان المعرفة والخبرة الذي يستقي منه "الجيل الجديد" ما يحتاجه من فكر يؤطّر حركته ويرشد عمله. فيصبح "الجيل القديم" مسؤولاً عن صياغة "الفكر"، بينما يتولّى "الجيل الجديد" صناعة "العمل والحركة" لتنفيذ الأهداف المرجوّة.

 هنا يظهر التلازم الحتمي بين الفكر والحركة في أي عمليّة تغيير، كما تتّضح أيضاً المسؤوليّة المشتركة للأجيال المختلفة. فلا "الجيل القديم" معفيّ من مسؤوليّة المستقبل ولا "الجيل الجديد" براء من مسؤوليّة الحاضر. كلاهما يتحمّلان معاً مسؤوليّة مشتركة عن الحاضر والمستقبل معاً. وبمقدار الضخّ الصحيح والسليم للأفكار، تكون الحركة صحيحة وسليمة من قبل الجيل الجديد نحو مستقبل أفضل.

المشكلة الآن في الواقع العربي الرّاهن هي أنّ معظم "الجيل القديم" يحمل أفكاراً مليئة بالشوائب والحالات الذهنيّة المرَضيّة الموروثة، التي كانت في السابق مسؤولة عن تدهور أوضاع المجتمعات العربيّة وتراكم التخلّف السياسي والاجتماعي والثقافي في مؤسّساتها المختلفة.

فالمفاهيم المتداولة الآن في المجتمعات العربيّة هي التي تصنع فكر الجيل الجديد، وهي التي ترشد حركته. لذلك كنّا نرى الشّباب العربي، قبل العام 2011، يتمزّق بين تطرّف في السّلبيّة واللامبالاة، وتطرّف في أطر فئويّة بأشكال طائفيّة أو مذهبيّة، بعضها استباح العنف بأقصى معانيه وأشكاله.

وحينما كان الشّباب العربي المعاصر يبحث عن أطر فاعلة للحركة السياسية السلمية المنظّمة، يجدون في معظم الأحيان أمامهم جماعات تزيد في أفكارها وممارساتها من حال الانقسام بالمجتمع، أو قد يدفع بعضها بالعناصر الشّابة إلى عنفٍ مسلّح ضدّ "الآخر" غير المنتمي لهذه الجماعة أو طائفتها أو مذهبها!

فالمفاهيم، التي كانت تحرّك الجيل العربي الجديد، هي مفاهيم تضع الّلوم على "الآخر" في كلّ أسباب المشاكل والسلبيّات، وهي بذلك مفاهيم تهدم ولا تبني، تفرّق ولا توحّد، وتجعل القريب غريباً والصّديق عدوّاً!.. فيصبح الهمّ الأوّل للجيل العربي الجديد هو كيفيّة التمايز عن "الآخر" وهدمه، لا الحوار معه للبحث عن كلمةٍ سواء.

الشباب العربي استفاد ويستفيد من تجارب بعضه البعض في بلدان عربية مختلفة، وقد اتّبع إلى حدٍّ ما أساليب التحرّك نفسها، ولم ينتظر الأحزاب والحركات السياسية من أجل المبادرة والتحرّك والانتفاضة ضدّ حكوماتٍ قائمة.. كلُّ ذلك هو بالأمر الجيد والمهم، لكن الثورات وحركات التغيير ليست هدمَ ما هو موجود فقط بل هي بناءٌ لما هو مطلوب، وهذا يعني عملياً ضرورة الربط والتلازم بين الفكر والقيادة والأسلوب.

هنا مخاطر تغييب دور الفكر في عملية التغيير التي قادها الجيل العربي الجديد، ومساوئ عدم الوضوح في ماهيّة "الأفكار" أو طبيعة "القيادات" التي تقف خلف "الأساليب" الجيّدة التي قام بها الشباب العربي في أكثر من وطن عربي. إذ لا يجوز أن يرضى هؤلاء الشباب الذين يضحّون بأنفسهم أن تكون "أساليبهم" السليمة هي لخدمة أفكار ومشاريع وقيادات غير سليمة، تسرق تضحياتهم وإنجازاتهم الكبرى وتُعيد تكرار ما حدث في السابق في المنطقة العربية من تغييراتٍ كانت تحدث من خلال الانقلابات العسكرية أو الميليشيات المسلّحة ثم تتحوّل إلى أسوأ ممّا كان قبلها من واقع!.

أيضاً، كم هو مهمٌّ جدًّا في تربية جيل الشباب العربي، في المنزل أو في المدرسة، تنبيه هذا الجيل إلى الفارق بين "جمود التاريخ" وبين "حركة الجغرافيا"، أي بأنّ الأمور التي حصلت في تاريخ العرب والمسلمين لا يمكن تغييرها الآن، وبأنّ من المهمّ دراسة التاريخ فقط لاستيعاب دروسه فلا يكرّر النّاس الأخطاء أو الحروب التي جرت في الماضي، بينما "الجغرافيا" من المهمّ دراستها كمادّة سياسية لا النّظر إليها وكأنّها غير قابلة للتغيير أو التطوّر. فالجغرافيا العربية تغيّرت كثيراً في القرن الماضي حيث نشأت أوطان وحدود لم تكن قائمة قبل مائة عام مثلاً. لذلك من المهم جداً التأكيد على ضرورة تصحيح "الواقع الجغرافي العربي" وعدم الأنحباس في صراعات وخلافات التاريخ العربي والإسلامي، والتي لا يمكن تصحيح ما حدث فيها.

إنّ بناء مجتمعات عربية أفضل يبدأ ببناء جيل عربي جديد أفضل ممّن سبقه. والبداية هي في المنزل والمدرسة معاً. فالوطن السليم هو في المواطنة السليمة التي لا تميّز في الحقوق والواجبات بين أتباع الوطن الواحد، والتي تُشجّع على طلب العلم والمعرفة وعلى استخدام العقل في فهم الأمور كلّها، والتي تبني المجتمع الحريص على القيم الأخلاقية بمعناها الشمولي في العلاقة مع الناس ومع الطبيعة، كما هي أيضاً في تزكية النفس وفي تهذيبها.

طلبة كلّيات الإعلام والصحافة في العالم يتعلّمون أنّ الخبر الصحفي الجيّد أو القصّة الإخبارية السليمة بحاجة للإجابة عن أسئلة: من، متى، أين، ماذا، كيف ولماذا. فتكون الإجابات عن هذه الأسئلة هي مصدر المعرفة الصحيحة ومعيار الأداء الإعلامي الجيّد. لكن سؤال (لماذا) له أهمّية خاصّة في تقديري، ليس فقط في العمل الإعلامي، بل أيضاً في الحياة اليومية للنّاس، وتحديداً في تربية الجيل الجديد. فكل (الأسئلة) الأخرى مهمّة طبعاً لكنّها "أسئلة وصفية"، أي تصف ما حدث أو ما يتمّ التساؤل حول تفاصيله، فهي أسئلة "إخبارية" وليست "تحليلية". وحده سؤال (لماذا) له السمة التحليلية أو التفسيرية لما نرغب بمعرفته فعلاً.

الناس عموماً لا تتوقف عند سؤال (لماذا) كثيراً لأنّها تتوارث المفاهيم والتفسيرات بحيث تُصبح وكأنّها مسلّمات لا حاجة لإخضاعها للتحليل والتفسير. وهذا الأمر ينطبق على شؤون دينية وثقافية واجتماعية وعلى كيفية ممارسة التعليم في المدارس، وعلى أسلوب تربية الأولاد في العائلة، حيث للأسف يتمّ أحياناً صدّ الأطفال والأولاد حينما يطرحون سؤال (لماذا) إذا كانت المسألة ترتبط بما هو متوارث من مفاهيم لا يجوز التشكيك بها أو طرح التساؤلات حول مدى صحّتها.

إنّ تشجيع الجيل الجديد على طرح سؤال (لماذا) سيفتح أمامهم أبواب المعرفة، وسيحرّك ملكة التفكير لديهم وسيدرّب عقولهم على التعمّق في التفكير والتحليل، وعلى التمييز بين الغثّ والسمين ممّا يتوارثونه من مفاهيم ومعتقدات.

الجيل الجديد بحاجةٍ إلى مدرّسين يميّزون للطلبة بين تراث أدبي وآخر، وبين مفاهيم قديمة وأخرى سليمة يجب الأخذ بها في هذا العصر. فكثيرٌ من الطلبة العرب يحفظون شعر "أبو الطيّب المتنّبي" ومنه قوله: "لا تشتري العبد إلاّ والعصا معه" بينما لا يحفظ كثيرٌ منهم قول عمر بن الخطاب: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمّهاتهم أحرارا". وما زلت أذكر أيام الطفولة في لبنان حينما كان الأطفال يتراكضون لشراء "فستق العبيد"، وهو القول الخاطئ العنصري عن "الفستق السوداني" الذي كان يبيعه أشخاص من السودان من ذوي البشرة السوداء!. وللأسف، تكرّر أمرٌ مشابه لهذا التوصيف العنصري حينما أقمت لفترة في ولاية ميشغان الأميركية، وكنت أسمع بعض العرب يصفون مناطق الأميركيين الأفارقة بمناطق "العبيد"!. أليس ذلك من المفاهيم والأفكار التي يتوارثها كل جيل عمّن سبقه؟!.

هي فرصةٌ هامّة، بل هي مسؤوليّةٌ واجبة، للجيل العربي الجديد المعاصر الآن، أن يدرس ماضي أوطانه وأمّته بموضوعيّة وتجرّد، وأن يستخلص الدروس والعبر لبناء مستقبلٍ جديد أفضل له وللجيل القادم.

مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن

 
تعليقات