القدس ان حكت في محنتها الراهنة...؟!
* نواف الزرو
Nzaro22@hotmail.com
هذا الهجوم الاحتلالي على المؤسسات والمناهج التعليمية الفلسطينية في المدينة المقدسة في محاولة لفرض المناهج التعليمية الاسرائيلية عليها ليس جديدا ولكنه ذروة جديدة في هذا الهجوام التهويدي، فمنذ اسابيع قليلة والدولة الصهيونية تستنفر كل طاقاتها الاعلامية والسياسية والاستيطانية لتنتج مشهدا مقدسيا يرتدي زيا صهيونيا تهويديا بالكامل، في محاولة للايحاء والتضليل بان "القدس موحدة عاصمة لدولة اسرائيل الى الابد"، وفي ذلك كان كل رؤساء الحكومات والاحزاب الاسرائيلية يقطعون في اكثر من مناسبة، بل وفي كل مناسبة لهم، قول كل خطيب فيما يتعلق بوضع المدينة المقدسة ومستقبلها، حينما اعلنوا ويعلنون بمنتهى الوضوح إنهم: "لن يقسموا القدس"، و"إن إسرائيل دون القدس هي كالجسد دون قلب، وإن قلب إسرائيل لن يقسم من جديد"، مضيفين في أحاديثهم : أنهم "لن يتخلوا عن القدس الموحدة وليس عن محيط الحرم القدسي الشريف"، موضحين: "أن التنازل عن محيط "هار هبيت" (الحرم القدسي) سيؤدي إلى إحلال السلام، لكن سيؤدي إلى مزيد من الحروب الدينية"، مؤكدين: "فقط تحت سيطرة إسرائيل سيعم الهدوء بين الديانات، وأن السلام الدائم يتم مع أمة قوية وإسرائيل دون القدس الموحدة ستكون جسما مع قلب ضعيف للغاية".
والمسألة هنا لدىهم ليست اعلامية للاستهلاك العام، وانما هي ايديولوجية استراتيجية حقيقية متزامنة مع حملات متصلة من انشطة التهويد والتزييف لحقائق ومعالم القدس، وهي تتساوق مع ما اطلق عليه لديهم "مسيرات الاعلام في شوارع القدس بمناسبة يوم القدس" التي يشارك فيها عادة أكثر من 20 ألف متطرف يهودي، يقومون باختراق شوارع القدس العتيقة واحيائها العربية التاريخية، في طريقهم إلى حائط البراق "المبكى"، تحت حراسة وحماية أمنية مشددة، وفي المقابل ينظم عشرات او مئات الشبان الفلسطينيين تظاهرات سلمية بالقرب من باب العامود، غير ان قوات كبيرة من شرطة الاحتلال تهرع إلى مكان التظاهرة الفلسطينية، وتطالب المشاركين التفرق بحجة أنها تظاهرة غير مرخصة، وحين لا ينصاعوا تفرقهم بالقوة وتعتقلت منهم العشرات، وتدعي أن شبانا فلسطينيين اشتبكوا مع اليهود المشاركين بالمسيرة السنوية، وألقوا عليهم ما وقعت أيديهم عليه من أشياء، وهرعت قوات كبيرة من الشرطة للفصل بين الشبان اليهود والفلسطينيين.
الى كل ذلك هناك الكثير الكثير من الاحداث والمشاهد اليومية المتتابعة التي تحكي حكاية المدينة المقدسة ومعاناتها في ظل الموجات المتلاحقة من هجمات آلاف المستوطنين اليهود المتطرفين الارهابيين المحميين بقوات جرارة من الجيش وحرس الحدود والمخابرات والمستعربين.
ولذلك، فان القدس ان حكت وبلا تهويل..فانها تحكي وتتحدث عن مجزرة حضارية نكبوية مفتوحة يقترفها الاحتلال في المدينة المقدسة، التي لا تبعث احوالها اليوم، بعد اربعة وسبعين عاما على النكبة وخمسة وخمسين على احتلالها عام 1967، على التفاؤل ابدا، بل انها ربما لا تبقي لدينا شيئا من التفاؤل اذا لم يتحرك العرب العروبيون قبل فوات الأون بمنتهى الجدية والمسؤولية باتجاه انقاذها.
ونحن امام معطيات استيطانية تهويدية غزيرة تغرق المشهد المقدسي، ولكنها تنذر الفلسطينيين والعرب والمسلمين بان الانفجارات الدراماتيكية في مدينة القدس آتية، بل ان أهالي القدس والأوقاف والعلماء وفعاليات المدينة يتحسبون من أن التطورات القريبة ستكون صعبة لاسيما على الاماكن المقدسة، حيث أن القوى الدينية الصهيونية المدعومة من قبل الحكومة تعد لانتقال نوعي للاعتداء على المسجد الأقصى وقبة الصخرة وساحات وعمائر ومرافق الحرم القدسي الشريف وكذلك على مختلف الاماكن المقدسة المسيحية في انحاء القدس، وليس ذلك بمبالغة، فالحملات التهويدية للقدس جارية على قدم وساق، وعلى مختلف الجبهات، إن على الارض او في الاعلام او في المشاريع والمخططات، او على المستوى الدولي، بل ان عملية التهويد وصلت الى مرحلة متقدمة جدا..!، فالمعارك تتحرك على مدار الساعة من حي الى حي ومن زقاق الى زقاق.. ومن بيت الى بيت.. سواء في داخل البلدة القديمة او خارجها.
فالمدينة المقدسة تتعرض اذن للاختطاف الاستراتيجي اذا لم يتحرك العرب والمجتمع الدولي لاحباط مخططات وحملات الاحتلال التهويدية.....!!. |