الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
منعت المحكمة المركزية في مدينة اللد عرض فيلم “جنين جنين” في إسرائيل وأمرت بمصادرة جميع نسخ الفيلم المنتشرة في البلاد، كما أمرت القاضية هاليت سيليش الفنان الفلسطينيّ محمد بكري (67 عامًا)، وهو من داخل ما يُسّمى بالخّط الأخضر، بدفع تعويض بمبلغ 175 ألف شيكل وكذلك مصاريف قانونية بمبلغ 50 ألف شيكل. ونقلت صحيفة (هآرتس) العبريّة عن محامي الفنان بكري قوله إنّ هيئة الدفاع تدرس القرار، ولم يستبِعد أنْ يقوم بتقديم التماسٍ على القرار إلى المحكمة العليا الإسرائيليّة.
يُشار إلى أنّ الفيلم “جنين جنين” وثق بإفادات وشهادات حيّة، المجزرة التي ارتكبها الاحتلال بمخيم جنين استشهد فيها العشرات، خلال العملية المُسّماة إسرائيليًا بعملية “الدرع الواقي” والاجتياح العسكريّ للضفة الغربية في نيسان (أبريل) من العام 2002، والذي جاء ردًا على العمليات العسكريّة للتنظيمات الفلسطينيّة داخل إسرائيل، بحسب مزاعم تل أبيب.
ورفضت المحكمة ادعاءات الدفاع التي قدّمها بكري، وقضت المحكمة الإسرائيليّة بأنّ الفيلم يحتوي على تشهير ضد شخص “عادي” استدعته دولة إسرائيل للخدمة في جنين ووجد نفسه في الفيلم ينهب رجلاً مسنًا وعاجزًا.
وفي تعقيبها على قرار المحكمة قالت النائب عن الجبهة في القائمة المشتركة عايدة توما-سليمان:” قرار المحكمة المركزية في اللد القاضي بمنع فيلم “جنين جنين” للمخرج الرفيق محمد بكري ليس إلا حلقة إضافية في سلسلة سياسة كم الأفواه. الاحتلال يرتعب من كشف وجهه الحقيقي، وهذه المرة يحارب حقيقته البشعة برعاية المحاكم والقضاة”.
وأضافت:” الرفيق محمد بكري عانى كثيرًا من الهجوم الذي شن عليه من قبل جنود الاحتلال ولمدة سنوات طويلة. سنبقى بجانبه وبجانب أبناء شعبنا القابعين تحت قمع الاحتلال”.
ويشار إلى أن قضية بكري، وهو من قرية البعنة، في الجليل الغربيّ، شمال فلسطين، قد تحولّت لقضية جماهيرية وقضية رأي عام من الطراز الأوّل، بعد أنْ وثق الفيلم الّذي أخرجه شهادات حية لسكان المخيم الذي عاينوا وجه هذه الحرب، وبعد أنْ خاض بكري نضالًا لمدّة ما تزيد عن 18 عامًا في المحاكم الإسرائيلية.
وتحولت هذه المحاكم إلى ساحة فارغة يدور فيها الضباط لردع بكري عن مسيرته، لأنّه غنّى خارج السرب الذي تتوقعه حكومة الاحتلال التي ترفض أنْ تسمع حكاية أخرى تتعلق بالجانب الفلسطيني والانتهاكات ضده.
وخاض بكري وعائلته عدة نضالات شخصية دفعوا ثمنها بالمضايقات المستمرة والمقاطعة غير العلنية وقطع الرزق، طالته في الساحة الفنية التي أقصت بكري وحرمته من متابعة مسيرته حتّى في الخارج.
وشنّ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي في تموز (يوليو) عام 2020، خلال خطاب ألقاه في حفل تخرج للضباط، هجومًا كلاميًا ضد د بكري، ممتعضًا من الفيلم، إذْ قال في محاولة تبرئة لجيش الاحتلال من دم الفلسطينيين: “ممنوع على حرية التعبير أنْ تسمح بحرية ما أسماه “التحقير”، أن فيلم “جنين جنين” يسيء للجنود الذين قاتلوا هناك وذلك بذريعة حرية التعبير، حيث زعموا أنهم مجرمو حرب”. وادعى أنّ الفيلم ملتوٍ وقصته خاطئة ويشوه صورة الجنود، الذي “اتهموا” بتنفيذ مذبحة. قائلًا إنّ جنوده قاتلوا وفق معايير جيشه.
وزعم كذلك أنّ مخيم جنين كما مدن فلسطينية أخرى، أرسل مقاتلين ضدّ أهداف إسرائيلية استقروا في الصالونات أوْ في غرف الأطفال للتربص للجيش وذلك أرسلنا جنودنا لاقتلاعهم وقد فعلوا ذلك باحترافية. وأضاف: لقد أرسلنا جنودنا للدفاع عن إسرائيل، وعلى القانون الإسرائيلي حمايتهم بالمقابل
الفنان محمد بكري: منع عرض "جنين جنين" سياسي وسأستأنف على القرار
أصدرت المحكمة المركزية في اللد، أمس الإثنين، قرارا بمنع عرض فيلم "جنين جنين" للفنان محمد بكري، بالإضافة إلى تغريمه بمبلغ 175 ألف شيكل تعويضا لأحد الجنود الإسرائيليين وتحمل المصاريف القضائية بمبلغ 50 ألف شيكل.
وعقب الفنان محمد بكري على قرار المحكمة في حديث لـ"عرب 48" بالقول إن "القرار كان مجحفا بحقي والفيلم، وجاء استمرارا لسلسلة الملاحقات منذ خروج الفيلم إلى النور، ومن الواضح أن المحكمة سياسية ولا تمت بصلة إلى القانون والقضاء".
وأضاف أنه "قمت بإخراج هذا الفيلم ضد الاحتلال والاضطهاد وليس ضد أحد أو أي عنصر في الجيش الإسرائيلي، وبالتالي لن أسكت وسأقوم بالاستئناف إلى المحكمة العليا على القرار الصادر".
وحيّا بكري كل من تضامن معه ووقف إلى جانبه ضد الملاحقات والقرار الأخير، واعتبر أن "المعركة ليست ضدي شخصيا إنما ضد شعب بأكمله. نحن ضد ممارسات المؤسسة الإسرائيلية وهذا ما ينقله الفيلم، ومن هذا المنطلق لا أرى حرية تعبير ويجب أن تدفع ثمنا باهظا جدا مقابل ذلك، والقرار الصادر يعكس ما يتم ترويجه على أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط".
وختم بكري بالقول إن "مثل هذا القرار لن يثنيني عن إيماني وصدق قضيتي وعدالتها، وسأستمر على هذا الطريق، والفيلم لا يقتصر عرضه في البلاد إنما على صعيد العالم، وآمل أن يستقطب أكبر عدد من المشاهدات حتى يعرف الناس الوجه الحقيقي لإسرائيل"