الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
كشفت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، اليوم الخميس، نقلاً عن مصادر في الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة، وبمُصادقةٍ من الرقابة العسكريّة في تل أبيب، كشفت النقاب عن أنّ رئيس الوزراء الأسبق، مناحيم بيغن، أمر في اللحظة الأخيرة بعدم تنفيذ عملية اغتيال قادة منظمّة التحرير الفلسطينيّة في بيروت، قُبيل العدوان الهمجيّ الذي شنّته دولة الاحتلال ضدّ لبنان في حزيران (يونيو) من العام 1982.
اللافِت، أنّ هذه هي ليست المرّة الأولى، وربّما ليست الأخيرة، التي “تكشِف” فيها إسرائيل عن مُحاولاتٍ لاغتيال عرفات وقادة آخرين في المنظمة، بالإضافة إلى ذلك، فإنّ المعلومات المُسرّبة تصِل دائمًا للصحافيّ رونين بيرغمان، الذي يعمل أيضًا في صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكيّة، ومُلاحظة ثالثة، أنّ النشر الإسرائيليّ يتزامن دائمًا مع ذكرى وفاة عرفات، ربّما بهدف إثارة القلاقل وصرف الأنظار عن المجرم الحقيقيّ الذي اغتاله في العام 2004، علمًا أنّه أمس الأربعاء، الحادي عشر من شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، حلّت الذكرى الـ16 لقتله وما زال الفاعِل “مجهولاً”.
نُشير إلى أنّه في هذه الصحيفة (رأي اليوم)، ننشر ما ورد في الصحيفة العبريّة بتحفظٍ شديدٍ، لأننّا نؤمن إيمانًا قاطِعًا بأنّ هذا النشر كغيره، يدخل في إطار الحرب النفسيّة التي تُمارِسها ماكينة الإعلام الإسرائيليّة بهدف تقسيم العرب لعربين واستدخال الهزيمة وإثارة القلاقل.
وإلى التفاصيل، كما وردت اليوم في صحيفة (يديعوت أحرونوت): العملية كانت تحت اسم (أوليمبيا). الهدف: تصفية عرفات وأبو جهاد وقادة الصّف الأول في منظمة التحرير الفلسطينيّة، وذلك في الفاتح من شهر كانون الثاني (يناير) 1982، وهو اليوم الذي تؤكِّد فيه حرب فتح بدء المقاومة المسلّحة ضدّ إسرائيل، أوْ ما يُعرف بالـ”الطلقة الأولى” عام 1965.
في ذلك اليوم من العام 1982، وفق المزاعم الإسرائيليّة، اجتمع القادة الفلسطينيين في إستادٍ ببيروت بحضور جمهورٍ كبيرٍ، دون أنْ يعلموا بأنّ أذرع دولة الاحتلال قاموا بزرع العبّوات الناسِفة بزنة مئات الكيلوغرامات بالقرب من المكان، بالإضافة إلى أنّ المخطط شمل تفجير ثلاثة سيارّاتٍ مُفخخةٍ تحمل أكثر من طُنيْ متفجرّات.
ووفق قائدٍ رفيعٍ في المنطقة الشماليّة آنذاك بجيش الاحتلال كان من المتوقّع أنْ يؤدّي الانفجار لقتل وجرح الكثيرين بصورةٍ لم تُعرَف من ذي قبل، بحسب زعمه، وأضافت الصحيفة أنّ العملية الإسرائيليّة خططت ردًا على تصفية عائلةٍ من مدينة نهاريا نفذّها سمير القنطار ورفيقيه، وأنّ وزير الأمن شارون أصدر أوامره بقتل الجميع، أيْ أنّ الحديث عن عمليةٍ ثأريةٍ.
وأوضحت الصحيفة أنّه تمّ التخطيط للعملية بشكلٍ سريٍّ دون الحصول على مصادقةٍ من الجهات ذات الصلة، وعلى نحوٍ خاصٍّ من الحكومة الإسرائيليّة، التي كان يرأسها مناحيم بيغن، وأنّ رئيس الموساد الأسبق، مئير داغان، كان في تلك الفترة ضابطًا رفيع المُستوى بجيش الاحتلال، وقاد وحدةً سريّةً في لبنان، قامت بتنفيذ عمليات اغتيالٍ واسعة النطاق، ما زالت حتى اليوم طيّ الكتمان!.
ولكن، قبل ساعاتٍ معدوداتٍ من بدء عملية الاغتيال في إستاد بيروت، تمّ وقف العملية، بحسب مزاعم الصحيفة، التي أكّدت أنّ بيغن وعلى الرغم من أنّه كان طريح الفراش بسبب المرض، أمر بإلغاء العملية، دون أنْ تُقدّم الصحيفة توضيحًا لماذا تمّ اتخاذ القرار بوقف العملية في الدقائق الأخيرة قبل إعطاء الأمر بتفجير الإستاد وقتل القادة الفلسطينيين.
وزعم مُعّد التقرير أنّه حصل على شهادةٍ من داغان، الذي مات نتيجة مرض السرطان في العام 2017 وهو في الـ71 من عمره، حيثُ أكّد داغان أنّ قرار بيغن بوقف العملية فوّت على إسرائيل فُرصةً ذهبيّةً، ونقلت (يديعوت أحرونوت) عنه قوله: لو أنّ الحكومة صادقت على تنفيذ المخطط الجاهز، لكان جميع قادة المُنظّمة قد “أخرجوا من اللعبة”، أيْ قُتِلوا، وكانت إسرائيل قد وفرّت على نفسها حرب لبنان الأولى عام 1982، والتي استمرّت حتى العام 2000، على حدّ زعم داغان.