
افيغدور ليبرمان وزير الخارجية الاسرائيلي هو اكثر شخص يعبر بصدق عن مشاعر معظم الاسرائيليين، او احزاب الائتلاف الحاكم في تل ابيب، فالرجل يطلق عبارات ومطالب تبدو مستهجنة في البداية، ولكن سرعان ما تتحول الى سياسات ومواقف تتبناها الحكومات الاسرائيلية لاحقا. الكثيرون استهجنوا مطالب ليبرمان بضرورة اعتراف العرب باسرائيل كدولة لليهود، واستنكروا دعواته لطرد كل من هو غير يهودي منها، ولكن مثل هذه الدعوات ترددت على لسان زعيمة حزب كاديما المعتدل تسيبي ليفني، وتبناها بنيامين نتنياهو لاحقا، واقنع بها الرئيس الامريكي باراك اوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون. ليبرمان نفسه اطلق موجة جديدة من بالونات الاختبار قبل يومين، عندما اقترح ادخال وفد من (عرب الـ48) الى المفاوضات الدائرة حاليا بين السلطة واسرائيل، ليؤكد وبشكل مباشر ان هؤلاء اغراب لا مكان لهم في دولته العبرية العنصرية. وليس ادل على ذلك انه خرج علينا، اي ليبرمان، بافكار جديدة اخرى مثل ضرورة طرح التبادل السكاني على جدول اعمال المفاوضات تأكيدا لطروحاته السابقة، اي يتم تبادل المستوطنين بعرب 48، وهي تأكيد اضافي على عدم وجود مكان لهؤلاء العرب في اسرائيل اليهودية. جامعة الدول العربية، وعلى لسان السفير احمد صبيح امينها العام المساعد، رفضت تصريحات ليبرمان هذه ووصفتها بـ الحمقاء ووصفت صاحبها بالعنصري، وطالبت بوقفة جادة من قبل الادارة الامريكية واللجنة الرباعية لوقف تلك التصريحات العنصرية عند حدها. الادارة الامريكية لن تستمع الى الجامعة العربية ولا الى دعوة امينها العام المساعد، لانها تعرف ان هذه الجامعة ليست ذات قيمة أو تأثير، وتعتقد ان ليبرمان يمارس حرية التعبير، مثله مثل رسام الكاريكاتير الدنماركي الذي اهان الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) وتطاول على اكثر من مليار ونصف المليار مسلم في رسوماته. المشكلة ليست في ليبرمان وانما في السلطة الفلسطينية وقيادتها ومفاوضيها. فهؤلاء يرفضون في البداية المقترحات الاسرائيلية ثم يعودون الى قبولها حرفياً، الأمر الذي يشجع الاسرائيليين للتقدم بمطالب جديدة، ودون ان يلتزموا بالمطالب السابقة. فعندما قبل المفاوضون الفلسطينيون بمبدأ تبادل الأراضي، والاعتراف بالكتل الاستيطانية اليهودية الضخمة حول القدس المحتلة كجزء من اسرائيل، فتحوا المجال امام الاسرائيليين والامريكيين من خلفهم، للمطالبة ولو على استحياء بالتبادل السكاني ايضاً. فلماذا القبول بتبادل الاراضي، ورفض تبادل السكان؟ |