القدس العربي
نفهم ان يتم تأجيل الانتخابات البرلمانية او الرئاسية في المناطق الفلسطينية بسبب الانقسامات بين حركتي فتح وحماس وتعثر جهود المصالحة الوطنية وتوقيع وثيقة القاهرة في هذا الصدد، ولكن ما لا نفهمه هو تأجيل الانتخابات البلدية في الضفة الغربية المحتلة الخاضعة بالكامل للسلطة الوطنية الفلسطينية.
الانتخابات البلدية ضرورة ملحة للاشراف على الشؤون الحياتية لاكثر من مليوني فلسطيني، وانتخاب مجالس محلية تتولى ادارة شؤون المياه والكهرباء والبلديات والتراخيص بمختلف انواعها ومجالاتها، ولذلك فإن تأخيرها يعني زيادة تعقيدات الاعباء المعيشية والحياتية للمواطنين.
فاتفاقات اوسلو جاءت في الاساس من اجل ادارة الشؤون المحلية للمواطنين الفلسطينيين نيابة عن الاحتلال. والمجلس التشريعي الحالي كان من المفترض ان يكون مجلسا بلديا مكبرا، تتفرع عنه مجالس اصغر، اما مجلس الوزراء فكان من المفترض ان يكون مجلسا اداريا تنفيذيا.
الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وبما يملكه من نظرة ثاقبة أصر على تغيير المسميات، فاستبدل المجلس التشريعي بالمجلس البلدي، ومجلس الوزراء بالمجلس التنفيذي، واضاف كلمة الوطنية الى السلطة الفلسطينية.
المواطنون في الضفة الغربية يتحدثون همسا عن خلافات متفاقمة داخل السلطة وقياداتها الفتحاوية، أدت الى تأجيل الانتخابات، فاللجنة المركزية انقسمت تجاهها، وبعض قيادات فتح غير الممثلين في السلطة رفضوا الالتزام بالقرار التنظيمي، وقرروا خوض الانتخابات كمرشحين مستقلين، لينافسوا مرشحي الحركة الرسميين او الذين زكتهم اللجنة المركزية.
والخلافات التي طفت على السطح بشكل علني بين السيد غسان الشكعة واعضاء في اللجنة المركزية حول قوائم الحركة الانتخابية، في مدينة نابلس عكست بشكل حقيقي ومؤسف الوضع برمته حول هذه المسألة.
الانتخابات البلدية في الضفة من المفترض ان تكون نموذجا في نزاهتها وجديتها وتنظيمها لسبب بسيط، وهو انها تجري في منطقة السلطة، ودون اي مشاركة من حركة حماس او الفصائل الاسلامية الاخرى، اي انها انتخابات لحركة فتح والمتحالفين معها.
فاذا كانت السلطة غير قادرة على تحقيق المصالحة بين ابناء واجنحة الحزب الحاكم، وبالتالي تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، فكيف ستكون مؤهلة لتحقيق مصالحة أعم وأشمل مع باقي الفصائل الفلسطينية التي تختلف معها سياسيا وعقائديا؟
المطلوب ترتيب البيت الفتحاوي اولا، وتحقيق المصالحة بين عشائره وقبائله في اسرع وقت ممكن، واجراء انتخابات بلدية تشارك فيها جميع الوان الطيف السياسي الفلسطيني، واذا تعذر ذلك فإن هذا يعني فشل السلطة عمليا، مما يحتم عقد مؤتمر عام طارئ لحركة فتح واجراء انتخابات تصعّد قيادة جديدة تعيد حركة فتح الى ثوابتها الوطنية التي جعلتها حركة طليعية تقود العمل الوطني الفلسطيني لاكثر من اربعين عاما. |