التحفّظ السعودي في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين على بند التضامن مع الجمهورية اللبنانية بالكامل، كما أدرج في جدول أعمال الاجتماع، يُعدّ سابقة لم يألفها تاريخ العلاقات بين لبنان والسعودية في عقود، ما يعّد مؤشراً على عودة تلبّد الغيوم في سماء العلاقات الثنائية، واللافت أيضاً أن مندوبيّ الإمارات والبحرين أيّدا زميلهما السعودي بالتحفّظ على بند التضامن، في حين أن هذا البند لطالما كان يُقرّ بالإجماع من دون أيّ نقاش.
في المقابل أكّدت مصادر الرئاسة اللبنانية للميادين نت أن بيروت تلقّت منذ أيام كتاباً رسمياً من الرياض تؤكّد فيه أن العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز وافق على تلبية دعوة الرئيس ميشال عون لزيارة لبنان، وأن المُباحثات بين الدوائر المعنية في البلدين بدأت لتحضير الزيارة الهامة على أكثر من مستوى. وعمّا تردّد من معلومات صحفية عن إلغاء دولة الإمارات العربية المتحدة لزيارة كان سيقوم بها عون إلى أبو ظبي، فإن هذه المصادر أوضحت ألا دعوة خطيّة أرسلت بخصوص الزيارة وبالتالي لا يمكن الحديث عن إلغاء زيارة.
وفي سياق مُتّصل كشفت مصادر دبلوماسية لبنانية أنّ الرياض ستكرّر تحفّظها على بند التضامن مع لبنان في اجتماع الدورة العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، مُعلّلاً الأمر بما تضمّنه موقف رئيس الجمهورية اللبنانية بشأن المقاومة.
وفي السياق يوضح الصحافي اللبناني خليل فليحان للميادين نت أن المندوب السعودي في الجامعة العربية لم يعط أي سبب للتحفّظ على الرغم من أن اتصالات جانبية أجراها معه مندوب لبنان لثنيه عن موقفه من دون أن يُكتب لها النجاح، ووعد بنقل الموقف إلى الوزير الجُبير لمناقشته في الاجتماع الوزاري، عدا أن مندوب الكويت لدى الجامعة السفير أحمد البكر قال إن التحفّظ السعودي يعود إلى الموقف من حزب الله المؤيّد رسمياً ومن أعلى المستويات، وأيضاً مما سمّاه التدخّل الإيراني في الشأن الداخلي. ولم يستبعد فليحان أن يكون التحفّظ السعودي هو بمثابة مؤشّر على تبدّل موقف الرياض من بيروت.
ويُذكر أن الرياض كانت ألغت هبة للجيش اللبناني بقيمة 3 مليارات دولار بعد اعتراضها على موقف لبنان من إحراق سفارتها في طهران إثر فاجعة منى خلال موسم الحجّ منذ حوالى سنتين.
ما بين موافقة الرياض المبدئية على دعوة الرئاسة اللبنانية وتحفّظها على دعم لبنان في المحافل العربية، يبدو أن الأمور دخلت مرحلة ضبابية بين البلدين بعد تصريحات عون الأخيرة، وعدم تبديل مواقفه من المقاومة وتمسّكه بدعمها من دون أن يغيّر وصوله إلى سدّة الرئاسة من قناعاته، علماً أن الرياض لم تُعلن دعمها لانتخاب عون لرئاسة لبنان، وفضّلت مراقبة المشهد اللبناني تاركة لحليفها رئيس الحكومة سعد الحريري تحمّل نتائج دعمه انتخاب عون، ولكنها عادت ودعمت العهد الجديد في لبنان بعد الإجماع الذي حظيَ به الرئيس وكذلك عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة.