بيروت- خاص بـ”رأي اليوم”:
عمليا وسياسيا أحبط موقف قيادة حزب الله اللبناني ليس فقط لقاء اهتمّت به حركة حماس بين السيّد حسن نصر الله أمين عام حزب الله، والقيادي في حركة حماس خالد مشعل وهو لقاء لم يحصل كما ذكرت “رأي اليوم” سابقا.
امتدّ تأثير موقف الحزب حسب قناعة أوساط مقربة من حركة حماس على تهرّب الرئيس نبيه بري من عقد لقاء ايضا خصوصا وأن حركة حماس كانت مهتمة جدا بلقاء خاص بين مشعل والرئيس بري في إطار السعي لنظرة شمولية افقية تتجاوز فيها كل جبهات محور المقاومة أي تعقيدات لها علاقة بأبعاد طائفية.
أبلغت حماس رسميا مكتب الرئيس بري باهتمام مشعل بزيارته وبعد حضور مشعل ووفد الحركة الى بيروت وفي اللحظات الاخيرة اعتذر الرئيس بري عبر مدير مكتبه دون إبداء أسباب سياسية ولكن بحجة حصول طارئ في لجنة الرئيس بري له علاقة بمسائل اجتماعية تطلبت انشغاله.
التقطت حماس الرسالة طبعا وكان لديها قناعة بان حصول طارئ اجتماعي كان يُمكن تداركه بتحديد موعد اخر اثناء الايام التي بقي فيها مشعل في بيروت ، الأمر الذي لم يحصل.
بكل حال لم تكن حماس مهتمة جدا بأن يزور الوفد الرئيس اللبناني ميشيل عون لكنها أبلغت بوجود مشعل ولم تمانع تنظيم لقاء.
في الأثناء شكّل اعتذار بري عن اللقاء سؤالا سياسيا يحتاج لإجابة لكن حماس تجاوزت المسالة ووجدت في لقاء الزعيم جنبلاط وهو لقاء نادر تخلله حوارات صريحة في المشهد الاقليمي ولو قدرا من التعويض وعلى أساس رسالة لحركة حماس في الخارج والاقليم تقول ضمنيا بان الحركة منفتحة على التواصل مع جميع المكونات والاطياف اللبنانية وان نشاطها ورغبات التواصل لا تقف عند حدود المكون اللبناني السني فقط.
عقد مشعل لقاء حيويا جدا مع روابط علماء اهل السنة المسلمين في لبنان وتردد من مصادر في الامن اللبناني ان نحو 100 شخصية اسلامية سنية على الأقل حضرت في احدى فعاليات مشعل وزيارته المثيرة إلى بيروت.
وثمُة حصّة في تلك الزيارة كانت مخصصة لأركان الدولة اللبنانية بطبيعة الحال.
وتعتبر أوساط حماس بان اللقاء الذي جمع مشعل برئيس الوزراء نجيب ميقاتي كان مهما للغاية في اضفاء طابع رسمي على الزيارة والاتصالات وفي إظهار تقدير حماس لجميع المؤسسات في الساحة اللبنانية.
ضغوط عنيفة مورست من سفارتين عربيتين على الاقل في بيروت حتى يمتنع الرئيس ميقاتي عن استقبال وفد حماس ومشعل وهما سفارة كل من الإمارات والسعودية.
وتُشير محاضر النقاشات التي تم الاطلاع عليها الى ان الرئيس ميقاتي وتجنبا لاثارة مشكلات جديدة مع دول خليجية قرر استقبال مشعل ووفده في منزله وإضفاء طابع شخصي على التزامه المسبق بالاستماع إلى المقاومة الفلسطينية وباعتبارها جزء من تمثيل مكون أساسي في المجتمع اللبناني.
وعلى هذا الأساس استقبل ميقاتي وفد حماس في منزله واعترضت السفارتان ايضا وعندما حصلت حوادث امنية في مخيم برج الشمالي قررت حماس متابعتها وصل من مكتب ميقاتي ما يفيد بمتابعة التفاصيل والاهتمام بها وما يحرص على ان تضع حركة حماس ما بحوزتها من بينات او صور او اشرطة بخصوص حادثة المقبرة بين يدي سلطات الامن العام.
في المقابل الموقف الذي اتخذه الرئيس بري عندما غادر فكرة استقبال مشعل ورفاقه بلياقة سياسية انعكس فيما يبدو على شخصية محورية اخرى في هيكل الامن اللبناني حيث مدير الامن العام القوي عباس ابراهيم وحيث لم يحصل لقاء مع الاخير مباشرة لكن وصلت من مكتبه رسائل متعددة تفيد بالاستعداد للتعاون مع ممثلي حركة حماس بأي شأن يتعلّق بالأمن في المخيمات ومثل بقية الفصائل.
بعد الاستقبال بطابع شخصي في بيت ضيافة ميقاتي حرصت السلطات اللبنانية على التنسيق اللوجستي والامني لحماية السيارة او السيارات التي يتحرك بها مشعل وتمكن وفد حماس من اجراء لقاء تشاوري وصف بانه مهم للغاية مع المفتي العام للجمهورية اللبنانية واعقبه جدل واعتراض من سفارات خليجية ايضا ولن تبالغ حماس في الحديث عن الجزء المتعلق بالتمثيل السني لمن قابلتهم حرصا منها على ان لا تظهر وكأنها تحرج اللبنانيين او تسعى لإثارة اشكال او حتى انها بصدد التنافس مع اي دولة عربية قريبة من التيارات السنية فزيارة مشعل برمتها طابعها تواصلي واجتماعي وبهدف لعب دور حسب الامكانات في مساعدات سلطات الدولة اللبنانية عندما يتطلب الامر خصوصا وان وجود حماس كلاعب ومكون اساسي في تركيبة مشهد مخيمات اللاجئين اصبح هدفا استراتيجيا عميقا في اطار المواجهة مع العدو الاسرائيلي وهو هدف متفق عليه مع حزب الله ولا تعارضه من المكونات اللبنانية الا حزب القوات وغيره من بعض المكونات المسيحية.
حماس اهتمّت أكثر بلبنان وجاءت زيارة مشعل في هذا السياق بعد معركة سيف القدس الأخيرة وفي إطار تقديم التعزية لأربعة من أبناء الحركة استشهدوا وسقطوا في حادثين أمنيين قبل الزيارة.